الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَدِيثُ الوَارِدُ في تَسْمِيَةِ شَهْرِ رَجَبٍ، مَا رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».
فَقَدْ أَضَافَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى مُضَرَ، لِأَنَّ قَبِيلَةَ مُضَرَ كَانَتْ تُحَافِظُ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَشَدَّ مِنْ مُحَافَظَةِ العَرَبِ.
وَلَمْ يَرِدْ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ تَسْمِيَةُ رَجَبٍ بِالأَصَمِّ أَو الأَصَبِّ، بَلْ كَانَتِ العَرَبُ في الجَاهِلِيَّةِ تُسَمِّيهِ الأَصَمَّ، لِعَدَمِ سَمَاعِ قَعْقَعَةِ السِّلَاحِ فِيهِ، احْتِرَامًا وَتَعْظِيمًا لَهُ، لِأَنَّهُ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ.
وَبَعْضُهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِرَجَبٍ الأَصَبِّ اعْتِقَادًا مِنْهُمْ أَنَّ الخَيْرَ يُصَبُّ فِيهِ صَبًّا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَمْ يَرِدْ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ شَيْءٌ في تَسْمِيَةِ شَهْرِ رَجَبٍ بِالأَصَمِّ أَو الأَصَبِّ، بَلْ كَانَ يُطْلَقُ هَذَا في زَمَنِ الجَاهِلِيَّةِ، وَفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ سَمَّاهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَهْرَ مُضَرَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |