الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَضَانَةُ وَاجِبَةٌ شَرْعًا لِرِعَايَةِ الطِّفْلِ، وَهِيَ حَقٌّ للأُمِّ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ المَحْضُونُ لَا يَقْبَلُ إِلَّا أُمَّهُ أَو لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، أَو لَمْ يَكُنْ للأَبِ وَلَا للصَّغِيرِ مَالٌ.
فَإِذَا قَبِلَتِ الأُمُّ حَضَانَةَ الطِّفْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُا أَنْ تُسَافِرَ بِطِفْلِهَا إلى بَلَدٍ آخَرَ إِذَا كَانَتْ في زَوْجِيَّةِ الأَبِ أَو في عِدَّتِهِ، وَللزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ.
أَمَّا إِذَا طُلِّقَتِ الزَّوْجَةُ وَانْتَهَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِطِفْلِهَا في الأَحْوَالِ التَّالِيَةِ:
1ـ إِذَا سَافَرَتْ بِهِ إلى بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ لِأَبِيهِ رُؤْيَتُهُ وَالعَوْدَةُ في نَهَارِهِ.
2ـ إِذَا سَافَرَتْ بِهِ إلى مَكَانٍ بَعِيدٍ بِالشُّرُوطِ التَّالِيَةِ:
أ ـ أَنْ يَكُونَ البَلَدُ الذي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ وَطَنُهَا.
ب ـ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الزَّوَاجِ كَانَ في تِلْكَ البَلَدِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَجُوزُ لِهَذِهِ المَرْأَةُ أَنْ تُسَافِرَ بِطِفْلِهَا إلى لِيبْيَا مَا دَامَتْ في العِدَّةِ، وَللزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، فَإِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ وَكَانَ عَقْدُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا في لِيبْيَا فَلَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِطِفْلِهَا إلى لِيبْيَا، لِأَنَّ الزَّوْجَ رَضِيَ بِذَلِكَ ضِمْنًا حَتَّى أَجْرَى العَقْدَ عَلَيْهَا في بَلَدِهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَ عَقْدُ الزَّوَاجِ في غَيْرِ بَلَدِهَا، كَأَنْ كَانَ في بَلَدِ زَوْجِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِهِ إِلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ. هذا، والله تعالى أعلم.