الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الغيرةُ من الإيمانِ، ومن كمالِ أخلاقِ الرِّجالِ، لما جاء في الحديثِ الشريفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي».
كما أنَّ البذَّاءَ من النِّفاقِ، والبذَّاءُ هوَ الدَّيُّوثُ الذي يرضى الخُبثَ في أهلِهِ، كما جاء في الحديثِ الشريفِ الذي رواه الإمام أحمد عن عبدِ الله بْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْعَاقُّ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ».
ثانياً: أخرج الإمام أحمد عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: (كَانَ فِينَا رَجُلٌ لَمْ تَزَلْ بِهِ أُمُّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَتَّى تَزَوَّجَ، ثُمَّ أَمَرَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَرَحَلَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي لَمْ تَزَلْ بِي حَتَّى تَزَوَّجْتُ، ثُمَّ أَمَرَتْنِي أَنْ أُفَارِقَ، قَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُفَارِقَ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُمْسِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ، أَوْ احْفَظْهُ» قَالَ: فَرَجَعَ وَقَدْ فَارَقَهَا).
ثالثاً: يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾. ويقول رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكُونُوا عَوْناً لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي مَاجِدٍ الْحَنَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
رابعاً: ربُّنا عزَّ وجلَّ فَتَحَ بابَ التَّوبةِ لعبادِهِ، قال تعالى: ﴿وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾.
وبناء على ذلك:
فالأَولى لك أن تُطيعَ والدكَ إذا كانت زوجتُكَ مُصرَّةً على ذلك، وأمَّا إذا تابت إلى الله تعالى وصَدَقَت في توبتِها فحاولْ أن تُقنعَ والدَكَ ببقائِها في عِصمتِكَ، فإن أصرَّ على طلاقِها فلا حَرَجَ من طلاقِها، ولكن لا يجبُ عليك طلاقُها، وخاصَّةً إن صَدَقَت في توبتِها، فإذا أبقيتَها في عِصمتِكَ فيجبُ عليكَ مُراقبتُها. هذا، والله تعالى أعلم.