125ـ السعيد من يعتبر قبل أن ينقبر
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اسْتَقْبَلَتِ الأُمَّةُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَكَانَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، وَرَحَلَ هَذَا الشَّهْرُ العَظِيمُ المُبَارَكُ، وَرَحَلَتْ تِلْكَ الأَيَّامُ بِأَعْمَالِ العِبَادِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
«يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ».
هَلْ نَحْنُ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ نِهَايَةِ أَجَلِنَا؟ هَلْ نَحْنُ عَلَى ذِكْرِ مَلَكِ المَوْتِ الآتِي لَا مَحَالَةَ؟ قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
المَوْتُ آتٍ لَا مَحَالَةَ، فَمِنْ أَيِّ الفَرِيقَيْنِ أَنْتَ إِذَا جَاءَ المَوْتُ، هَلْ أَنْتَ مِمَّنْ يَقُولُ: يَا مَرْحَبًا بِلِقَاءِ اللهِ، وَيَقُولُ: وَاطَرَبَاهُ، غَدًا أَلْقَى الأَحِبَّةَ، سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَصَحْبَهُ؟
أَمْ مِمَّنْ يَقُولُ: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾؟
أَمْ مِمَّنْ يَقُولُ: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾؟
أَمْ مِمَّنْ يَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾؟
أَمْ مِمَّنْ يَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾.
السَّعِيدُ حَقًّا مَنْ يَعْتَبِرُ قَبْلَ أَنْ يَنْقَبِرَ.
هَلْ صَنَّفْتَ نَفْسَكَ مِنْ أَيِّ الفَرِيقَيْنِ أَنْتَ؟
هَلْ مِمَّنْ قَالَ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، أَمْ مِمَّنْ قَالَ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟
يَا رَبِّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اعْتَبَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْقَبِرَ. آمين.
** ** **
أخوكم أحمد شريف النعسان
يرجوكم دعوة صالحة