أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4964 - واجبات الزوجين

24-03-2012 29881 مشاهدة
 السؤال :
ما هي واجبات الزوجة نحو زوجها؟ وما هي واجبات الزوج نحو زوجته؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4964
 2012-03-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْـمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. يقول الجصاص: (أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِن الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ حَقًّا، وَأَنَّ الزَّوْجَ مُخْتَصٌّ بِحَقٍّ لَهُ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ مِثْلُهُ) اهـ.

وقد ذكر الفقهاء واجبات كلٍّ من الزوجين نحو الآخر:

أولاً: واجبات الزوجة نحو زوجها:

1ـ طاعة الزوج في غير معصيةٍ لله عز وجل، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ) رواه الترمذي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا صَلَّت المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ) رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

2ـ أن تُمَكِّنَهُ من الاستمتاع بها، ولكن بشرط أن تُعطى مدةً لإصلاحِ أمرِها، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عند عودته إلى المدينة: (أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً ـ أَيْ عِشَاءً ـ لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ) رواه الإمام البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

3ـ عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله إلى بيته، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ) رواه الترمذي عن عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

4ـ عدم خروجها من البيت إلا بإذنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟ فَقَالَ: حَقُّهُ عَلَيْهَا أَلا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْجِعَ) رواه الطبراني.

5ـ خدمة الزوج فيما جرت به العادة ـ يَقُولُ أُسْتَاذُنَا الدكتور أحمد الحجي الكردي: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبَاً لَا وَاجِبَاً ـ لحديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ، وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَحْمَرَ، لَكَانَ نَوْلُهَا أَنْ تَفْعَلَ) رواه ابن ماجه. ونَوْلُهَا: أي حَقُّهَا.

ولأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يأمر نساءه بخدمته فيقول: (يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي المُدْيَةَ) رواه الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها. ويقول: (يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِينَا، يا عَائِشَةُ اسْقِينَا) رواه الإمام أحمد عَنْ يَعِيشَ بْنِ طِخْفَةَ بْنِ قَيْسٍ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ويقول الإمام الغزالي في الإحياء:

فواجبات الزوجة نحو زوجها كثيرة، ولكن أهمها أمران، أحدهما: الصيانة والستر.

والآخر: ترك المطالبة بما وراء الحاجة، والتعفُّف عن كسبه إذا كان حراماً.

وهكذا كانت عادة النساء في السلف، كان الرجل إذا خرج من منزله تقول له امرأته أو ابنته: إياك وكسبَ الحرامِ، فإنَّا نصبر على الجوع والضرِّ، ولا نصبر على النار. اهـ .

ثم يقول: ومن الواجبات عليها: أن لا تُفَرِّطَ في مالِهِ بل تحفظُهُ عليه. اهـ.

ثانياً: واجبات الزوج نحو زوجته:

1ـ دفع المهر لها، وذلك لقوله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}. وخاصة المقدَّم إذا طالبت به الزوجة، أما بالنسبة للمؤخر فلا تستحقُّهُ إلا بالموت أو الطلاق، إلا أَنْ يُحَدَّدَ في العَقْدِ مَوْعِدٌ لَهُ فَيُوَفَّى في مَوْعِدِهِ، والأولى في حقِّ الزوج أن يدفع المقدَّم والمؤخر إذا كان ميسورَ الحالِ.

2ـ النفقة عليها على قَدْرِ حَالِهِ، لقوله تعالى: {وَعلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ}. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) رواه أبو داود عن جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

3ـ العدل بين زوجاته إِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ أُخْرَيَاتٌ، وأن يسوِّي بينهن في النَّفَقَةِ وَالمَبِيتِ، لأنَّ ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ) رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

إعفاف الزوجة عن الحرام على قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ، وذلك بأن يطأها حتى تعفَّ بالوطء الحلال عن الحرام، دلَّ على ذلك حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَبْدَ اللهِ! أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) رواه الإمام البخاري.

5ـ يجب عليه أن يكرمَ زوجتَهُ، ويحسنَ معاشرتَها، ومعاملتَها بالمعروف، وأن يكون رقيقاً معها، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا) رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ المُسْلِمُ بَاطِلٌ، إِلا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلاعَبَتَهُ أَهْلَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ) رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وبناء على ذلك:

 فصاحبُ الدينِ والخُلُقِ هو الذي يَعْرِفُ الواجبَ الذي عليه أولاً فيقومُ به، ويَعْرِفُ الحقَّ الذي له فيطالبُ به برفقٍ، وكذلك صاحبةُ الدينِ والخُلُقِ تَعْرِفُ الواجبَ الذي عليها فتقومُ به، وتَعْرِفُ الحقَّ الذي لها فتطالبُ به برفقٍ، لأنَّ كُلاًّ من الزوجين الصالحين يحاولُ كلٌّ منهما أن يبرِئ ذِمَّتَهُ بين يدي الله عز وجل. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
29881 مشاهدة