أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1870 - البناء والكتابة والتبرك بالقبور

14-03-2009 14235 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم تفخيم قبور الصالحين وكتابة الآيات القرآنية عليها والتبرك بها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1870
 2009-03-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اتفق الفقهاء على كراهة تجصيص القبر والبناء عليه، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) رواه مسلم. هذا في الجملة.

وقالوا: يحرم للزينة والمفاخرة. أما إذا بُنِيَ على القبر وسُنِّم باللبن صيانة للقبر عن النبش فلا بأس به إن شاء الله تعالى. وهذا الحكم سواء لكلِّ القبور.

أما بالنسبة للكتابة عليها للتعريف بأصحابها فلا بأس به، يقول العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى: لأن النهي عنها وإن صحَّ فقد وُجد الإجماع العملي بها، فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق، ثم قال: هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها، فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف، ويتقوى بما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل حجراً فوضعها عند رأس عثمان بن مظعون رضي الله عنه وقال: (أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي) رواه أبو داود، فإن الكتابة طريق إلى تعرّف القبر بها.

أما كتابة القرآن على القبور فلا تجوز، لأنها تؤدي إلى امتهانه، وخاصة على جوانب القبر، حيث تداس بالأقدام أحياناً من بعض الجهلة في الأحكام الشرعية.

أما التبرّك بأصحاب القبور من الأولياء والصالحين فجائز شرعاً، فقد روى ابن عساكر بسند جيد كما نص عليه الحافظ الزرقاني، عن بلال رضي الله عنه أنه لما نزل بداريا رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: (ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا بلال)؟ فانتبه حزيناً وجلاً خائفاً، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر، ففعل، فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، زاد تعاجيجها، فلما أن قال: أشهد أن محمداً رسول الله، خرج العواتق من خدورهن، فقالوا: أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رئي يوم أكثر باكياً ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14235 مشاهدة