أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1994 - ماذا يوجب الطلاق بغير سبب

23-04-2009 22977 مشاهدة
 السؤال :
رجل طلَّق زوجته بغير سبب، وهو ميسور الحال، ودفع لها حقها من المهر كاملاً، فهل يجوز للقاضي أن يلزمه بشيء من المال زائداً عن مهرها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1994
 2009-04-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: كان هذا الطلاق من غير سبب ظاهر أو باطن ـ وهذا أمر مستبعد جداً، وهو أندر من النادر ـ فإن الزوج قد يدخل في نوع من أنواع الظلم الذي حذَّر منه ربُّنا عز وجل في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا) رواه مسلم، ويدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاقُ) رواه أبو داود وابن ماجه، ويتأكَّد هذا إذا كان طلاقها يورثها حالة البؤس والشقاء والضنك والفقر، وكان طلاقها من غير سبب ظاهر أو باطن.

ثانياً: الإسلام أعطى الرجل حق الطلاق، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) رواه ابن ماجه، وعلى المسلم أن لا يسيء في استعمال هذا الحق، فإن أساء يكون في استعماله آثماً.

ثالثاً: إذا طلَّق الرجل زوجته وجب عليه شرعاً أن يدفع لها كامل صداقها مع نفقة العدة، ويستحب في حقِّه أن يعطيها شيئاً من المال زائداً عن صداقها وذلك لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين}.

رابعاً: فإذا دفع الزوج صداق المرأة كاملاً مع نفقة عدَّتها فلا يجوز للمرأة المطلَّقة أن ترفع أمرها إلى القاضي من أجل أخذ شيء من المال زيادة عن حقِّها الشرعي الذي فرضه الله عز وجل لها.

فإن فعلت ذلك كانت آثمة بذلك لأنها سلَّطت القاضي عليه وخاصة إذا كان الزوج من أصحاب المروءات لا يستطيع أن يبوح عما يجول في خاطره.

وما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزم الزوج أكثر من الصداق الذي أوجبه الزوج على نفسه، ويستأنس لهذا بالحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ امرَأةَ ثابتِ بن قيس بنِ شَماسٍ أَتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له: ما أعْتِبُ على ثابتٍ في خُلُقٍ، ولا دِينٍ، ولكني أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسلام، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أَتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ)؟ قالت: نعم، قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (اقْبَل الحديقةَ، وطَلِّقها تَطْلِيقَة) رواه البخاري. فما طلب منها النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً زائداً عما أخذت، وهنا كذلك لا يحقُّ للمرأة أن تأخذ شيئاً زائداً عما تستحق إلا عن طيب نفس من الزوج.

وبناء عليه:

فلا يجوز للقاضي أن يلزم الزوج بشيء من المال أكثر من صداق الزوجة ونفقة العدة، ولكن يحرِّض الزوج على إكرام الزوجة بشيء من المتعة على حسب حاله، وإلا حرم على الزوجة أن تأخذ مال الرجل المطلِّق بغير حق. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
22977 مشاهدة