247ـ مع الحبيب المصطفى :آثار غياب العلماء الربانيين العاملين

247ـ مع الحبيب المصطفى :آثار غياب العلماء الربانيين العاملين

.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

247ـ آثار غياب العلماء الربانيين العاملين

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُلُقِهِ الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، وَتَرْكُ العَنَتِ، وَحُبُّ اليُسْرِ، وَالرِّفْقُ بِالمُتَعَلِّمِ، وَالحِرْصُ عَلَيْهِ، وَبَذْلُ العِلْمِ وَالخَيْرِ لَهُ، بِالمَكَانِ الأَسْمَى، وَالخُلُقِ الأَعْلَى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْـمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

روى الشيخان عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ؛ وَكَانَ رَفِيقَاً رَحِيمَاً.

فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَـضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُعَلِّمُنَا أَنَّهُ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ العِلْمَ مِنْ مَصْدَرِهِ الحَقِّ، أَنْ نَأْخُذَ دِينَنَا عَنْ رِجَالٍ نَشْهَدُ سُلُوكَهُم، وَهَدْيَهُم، وَعَمَلَهُم.

إِنَّ هَذَا العِلْمَ دِينٌ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اعْلَمُوا بِأَنَّ العِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُم، لَا تَأْخُذُوهُ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، أَو مِنَ الغَافِلِينَ، أَو مِمَّنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَنَافَسَ عَلَيْهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطَاً﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُم، خُذُوهُ عَنْ وَرَثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذينَ قَامُوا بِالدِّينِ عِلْمَاً وَعَمَلَاً، عَنِ الذينَ هُمْ أَهْلُ البَصِيرَةِ في الدِّينِ، خُذُوهُ عَنْ رَائِدٍ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ، خُذُوهُ عَنِ الذينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا.

وَاحْذَرُوا مِنْ أَخْذِ الدِّينِ مِنَ الرُّوَيْبِضَةِ، الذينَ حَذَّرَنَا مِنْهُم سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».

قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟

قَالَ: «السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».

 أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بِمَوْتِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَذَهَابِ جَهَابِذَتِهِ المُخْلِصِينَ المُخْلَصِينَ، بَدَأَ الرُّوَيْبِضَةُ يَتَكَلَّمُونَ وَيُفْتُونَ وَيُجَادِلُونَ أَئِمَّةَ الهُدَى وَيُكَذِّبُونَهُم، وَيَرُدُّونَ على فُقَهَاءِ الأُمَّةِ وَعُلَمَائِهَا، بَلْ وَرُبَّمَا فَسَّقُوهُم وَبَدَّعُوهُم وَكَفَّرُوهُم، مُعْرِضِينَ عَنْ قَوْلِ إِمَامِ العُلَمَاءِ، وَإِمَامِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» رواه الإمام أحمد رواه الإمام أحمد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَصَدَقَ في هَؤُلَاءِ الرُّوَيْبِضَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعَاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمَاً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسَاً جُهَّالَاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَد أَعْرَضَ هَؤُلَاءِ الرُّوَيْبِضَةُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْـمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ، غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْـمُقْسِطِ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَعَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُم» رواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَصَحَّ في هَؤُلَاءِ الرُّوَيْبِضَةِ حَدِيثُ الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ».

وَصَحَّ في هَؤُلَاءِ الرُّوَيْبِضَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدَىً كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾.

آثَارُ غِيَابِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ العَامِلِينَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَ غِيَابِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ العَامِلِينَ، وَظُهُورِ الرُّوَيْبِضَةِ، وَالمُنَافِقِينَ العَلِيمِي اللِّسَانِ، يَظْهَرُ الجَهْلُ، وَتَنْتَشِرُ في أَوَسَاطِ النَّاسِ سَلْبِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:

أولاً: الاسْتِخْفَافُ بِالعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عِنْدَ ظُهُورِ الرُّوَيْبِضَةِ، وَغِيَابِ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ يَنْتَشِرُ في أَوْسَاطِ النَّاسِ الاسْتِخْفَافُ بِالعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، وَهَذَا أَمْرٌ خَطِيرٌ، وَخَطِيرٌ جِدَّاً، حَيْثُ يُصْبِحُ الرَّجُلُ يَعِيبُ مَنْ فَوْقَهُ في العِلْمِ، وَيَزْهُو على مَنْ دُونَهُ، وَيَجْرُؤُ الفُسَّاقُ على العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».

قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟

قَالَ: «الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».

ثانياً: وِلَايَةُ الدِّينِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ آَثَارِ غِيَابِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ أَنْ يَتَوَلَّى العِلْمَ الـشَّرْعِيَّ غَيْرُ أَهْلِهِ، حَيْثُ يَتَقَدَّمُ للفَتْوَى مَنْ لَا يَدْرِيهَا، وَيُقَدَّمُ لَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيُصَدَّرُ المَجَالِسَ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ حَذَّرَ مِنْهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

روى الإمام أحمد عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: أَقْبَلَ مَرْوَانُ يَوْمَاً، فَوَجَدَ رَجُلَاً وَاضِعَاً وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا تَصْنَعُ؟

فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ: نَعَمْ، جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ آتِ الْحَجَرَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ، وَلَكِنِ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ».

ثالثاً: كَثْرَةُ العِلْمِ، وَقِلَّةُ العَمَلِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ آَثَارِ غِيَابِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ أَنْ يَتَعَلَّمَ النَّاسُ العِلْمَ للمُرَاءَاةِ وَالمِرَاءِ وَالجَدَلِ، مَعَ الإِعْرَاضِ عَنِ العَمَلِ؛ وَالعِلْمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَرَةٌ في القَلْبِ وعلى الجَوَارِحِ وَالمُعَامَلَاتِ، فَمَا هِيَ قِيمَتُهُ؟ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا.

قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟

قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ.

قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.

وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا.

قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟

قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.

قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.

وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْـمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا.

قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟

قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ.

قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: تَعَلَّمُوا العِلْمَ، وَاقْصُدُوا العُلَمَاءَ الرَّبَّانِيِّينَ وَخُذُوا عَنْهُم، خُذُوا عَمَّنْ إِذَا نَظَرْتُم إِلَيْهِم ذَكَرْتُمُ اللهَ، وَإِذَا حَدَّثُوكُم زَادُوكُم عِلْمَاً، وَإِذَا رَأَيْتُمْ أَعْمَالَهُم ذَكَّرُوكُم بِالآخِرَةِ.

خُذُوا دِينَكُم عَمَّنِ اسْتَقَامَ، لَا عَمَّنْ مَالَ، روى ابْنُ عَدِيٍّ وابْنُ الجَوْزِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا ابْنَ عُمَرَ، دِينَكَ دِينَكَ، إِنَّمَا هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ، خُذِ الدِّينَ عَنِ الَّذِينَ اسْتَقَامُوا، وَلَا تَأْخُذْ عَنِ الَّذِينَ مَالُوا».

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 11/ رجب /1437هـ، الموافق: 18/ نيسان / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2343 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2343
20-06-2019 1388 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1388
28-04-2019 1172 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1172
28-04-2019 1184 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1184
21-03-2019 1806 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1806
13-03-2019 1678 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1678

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414103519
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :