130- خطبة الجمعة: ما هو المطلوب منك في شهر رمضان المبارك؟

130- خطبة الجمعة: ما هو المطلوب منك في شهر رمضان المبارك؟

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا عباد الله:

لقد شاء ربنا أن يجعل هذا اليوم المبارك هو اليوم الأخير من شهر شعبان المعظم، لكي أشرف وتتشرفون بسماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم التي خطبها على أصحابه الكرام والتي كانت في آخر يوم من شعبان، حيث ذكَّرهم الحبيب صلى الله عليه وسلم بخصوصيات هذا الشهر العظيم المبارك وسماته وصفاته، كما ذكَّرهم النبي صلى الله عليه وسلم بما هو مطلوب منهم في هذا الشهر العظيم المبارك الذي يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق المسارعون إلى مغفرة الله تعالى وإلى جنة عرضها السموات والأرض.

خطبة النبي صلى الله عليه وسلم:

أيها الإخوة الكرام: لنلقي السمع إلى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أُوتِيَ جوامع الكلم، لنستمع إلى تلك الكلمات المنبثة من قلب محب رحيم بالمؤمنين حريص عليهم.

أخرج ابن خزيمة والبيهقي عن سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرَّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يُزاد في رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء». قلنا : يا رسول الله، ليس كلُّنا يجد ما يفطِّر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعطي الله هذا الثواب من فطَّر صائماً على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفَّف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار» زاد همام في روايته : «فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بها ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بها ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار).

وفي رواية ثانية لابن خزيمة كذلك عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مرَّ بالمسلمين شهر خير لهم منه، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ شرٌّ لهم منه بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليكتب أجره ونوافله قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه قبل أن يدخله، وذلك أن المؤمن يعدُّ فيه القوة من النفقة للعبادة، ويعدُّ فيه المنافق اتباع غفلات المؤمنين واتباع عوراتهم، فغنم يغنمه المؤمن).

خصوصيات وسمات هذا الشهر:

أيها الإخوة: لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر العظيم لصحابته الكرام، وذكَّرهم بخصوصيات هذا الشهر التي امتاز بها عن سائر الشهور فهو:

أولاً: شهر عظيم مبارك فيه ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن العظيم، وهي من أقدس الليالي، وهي خير للعبد المؤمن من ألف شهر لو صامها وقامها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: (قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) رواه أحمد والنسائي.

ثانياً: تضاعف فيه الأجور، من أتى فيه بنافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أتي فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، فعمرة في رمضان كحجة، عَنْ عبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً) رواه أحمد. وأفضل الصدقة فيه كما جاء في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة في رمضان) رواه الطبراني في الأوسط.

ثالثاً: يكفر الله عز وجل ما كان قبله إذا اجتُنبت الكبائر، عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَعَرَفَ حُدُودَهُ وَتَحَفَّظَ مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ فِيهِ كَفَّرَ مَا كَانَ قَبْلَهُ) رواه أحمد. و عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) رواه البخاري.

رابعاً: أنه شفيع لمن صامه وقامه حق الصيام وحق القيام، كما جاء في الحديث الشريف عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ) رواه أحمد.

خامساً: أنه وقاية من النار، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنْ النَّارِ) رواه أحمد.

وعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ، هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) رواه أحمد.

سادساً: يزاد في رزق المؤمن فيه ويبارك الله تعالى في قليله.

سابعاً: يكتب لك أجر صيامه وقيامه قبل دخول العبد المؤمن فيه، إذا كان العبد عازماً على صيامه وقيامه بحق.

ثامناً: وهو أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

نسأل الله تعالى أن يكرمنا بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران بفضله لا بعدله، ومثل ذلك لأصولنا وفروعنا وأزواجنا وأحبابنا والمسلمين. آمين.

ما هو المطلوب منك في شهر رمضان؟

أيها الإخوة الكرام: يجب على كل واحد منا أن يعرف ما هو المطلوب منه في هذا الشهر العظيم المبارك، لأن العبد إذا لم يعرف ما هو المطلوب منه فربما أن يمضي عليه هذا الشهر كبقية الشهور، وهو محروم من خصوصيات هذا الشهر، فيا من يطمع في نيل بركات هذا الشهر وخصوصياته، عليك أن تأخذ بهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث عرَّفنا ما هو المطلوب منا:

أولاً: صيامه وقيامه، فصيامه فريضة والفريضة بسبعين فريضة، وقيامه نافلة، والنافلة تساوي فريضة فيما سواه، فعلينا بالصيام عن الطعام والشراب والإمساك عن كل المفطرات، وأن نُصوِّم جوارحنا عن المعاصي والآثام.

وعلينا بقيامه، وذلك بالمحافظة على صلاة التراويح عشرين ركعة، وكذلك بالمحافظة على صلاة التهجد اثنتا عشر ركعة، اللهم أكرمنا بذلك، ولا تحرمنا من الإكثار من النوافل فيه يا رب العالمين.

ثانياً: الصبر بأقسامه الثلاثة، الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، وأن لا نكون ممن قال الله فيهم: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.

والصبر على الأذى، وذلك بضبط النفس، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ) رواه البخاري، وأن يكظم أحدنا غيظه لينال شرف صفة المتقين الذين أشار الله إليهم بقوله: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين}.

ثالثاً: المواساة، وهي معاونة الآخرين على قدر الاستطاعة، والمواساة تكون بالمال والجاه وبالبدن وبالنصيحة وبالدعاء والاستغفار للآخرين، والمواساة على قدر الإيمان، وكلما قوي قويت، وكلما ضعُف ضعُفت، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مواساة لأصحابه الكرام رضي الله عنهم، نعم المواساة هي جبرُ خاطرٍ، وجبر الخاطر في جبر الخاطر.

روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).

شهر رمضان شهر المواساة، فعليك بالمواساة، حتى تكون على قدم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري ومسلم.

رابعاً: تفطير الصائمين وسقايتهم، طمعاً في مغفرة الذنب وعِتقِ الرقبة من النار، وأن ينال أجرَ الصائم الذي لا يعلم قدره إلا الله تعالى، وإطعام الطعام من خلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغب في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح.

ولكن احذر من الاختلاط بين الجنسين عند إطعام الطعام إذا كانوا من غير المحارم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذَّر من الاختلاط لخطره على الأمة، وما فسد من فسد من الرجال والنساء إلا بسبب الاختلاط الذي كان سبباً في انتشار الفاحشة، حتى أصبحنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نسمع بزنا المحارم.

أطعم الطعام، وفطِّر الصائم، واسقه بدون اختلاط مع غير المحارم، لا تُفسد هذه القُربة بالاختلاط، اجعل مائدتين، مائدة للرجال ومائدة للنساء.

خامساً: التخفيف عن خلق الله عز وجل، طمعاً في أن يخفِّف الله عنا يوم القيامة، التشديد على الخلق في شهر رمضان ليس من خلق المسلم، خفِّف عمن استرعاك الله عليهم، خفِّف عن زوجتك، وخفِّف عن أولادك، وخفِّف عن موظَّفيك، وخفِّف عن عمالك، لا تثقل عليهم، ولا تكلِّفهم ما لا يطيقون، فإن كلَّفتهم فأعنهم.

وأنا أقول هذا لكل صاحب عمل، ولكل مدير في إدارته، وخاصة لضباط الجيش، خفِّفوا عن عباد الله وخاصة أثناء الصيام، رجاء أن يخفِّف الله عنكم، خفِّفوا عنهم لتعينوهم على الصيام والقيام، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، كونوا عوناً لهم على طاعة الله عز وجل، ومن شدَّد على صائم قائم شدَّد الله عليه عاجلاً أم آجلاً والعياذ بالله تعالى.

سادساً: الإكثار من ذكر الله تعالى، وخاصة ذكر أفضل كلمة قالها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبيون من قبله، كما جاء في الحديث: (وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) رواه الترمذي.

أكثروا من كلمة التوحيد التي بها يثبت الإيمان، وبها يحصل الأمان، أكثروا منها وخاصة في وقت الأسحار، لأن أصحاب ذكر الله تعالى يعطيهم الله تعالى أفضل ما يعطي السائلين، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ) رواه الترمذي.

ومع الذكر الاستغفار، لأنه يجعل من كلِّ همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ولأنه سبب في توسيع الرزق، وسبب لتطهير القلب من الأغيار، وخاصة في الأسحار، قال تعالى في وصف المحسنين: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون}.

استغفر الله بعد كل معصية، لأنه لا يليق بالإنسان العاقل أن يقابل الإحسان بالإساءة، {هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان}، استغفر الله بعد كلِّ طاعة، لأن الله تعالى يقول: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، بالذكر والاستغفار يرضى الله تعالى، كما جاء في الحديث: (فأما الخصلتان اللتان ترضون بها ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه).

وأخيراً: أكثر من الدعاء، وخاصة أن تسأل الله الجنة، وتعوذ به من النار، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (وأما اللتان لا غنى لكم عنهما فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار)، أكثر من الدعاء وخاصة عند الفطر وعند السحر، ولله الحمد القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون}، وهذه الآية الكريمة هي عقب آيات الصيام.

خاتمة نسأل الله حسنها:

أيها الإخوة الكرام: لقد أصبحنا على أبواب هذا الشهر العظيم المبارك، الذي خصَّه الله تعالى بما لم يخص به سائر الشهور، فهل نقوم بما هو واجب علينا؟ طوبى لعبد اغتنم الفرصة قبل أن يدركه الموت، ومن فوَّت على نفسه الفرصة لا قدَّر الله فسوف يندم عاجلاً أم آجلاً، وصدق الله القائل: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون}، وصدق الله القائل: {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِين * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.

اللهمَّ وفِّقنا لصيام هذا الشهر وقيامه حق الصيام والقيام، وأكرمنا يا ربنا يا مولانا بما أكرمت به عبادك الصالحين، فنعم الرب أنت يا ربنا ونعم الإله أنت يا إلهنا.

أقول هذا القول وكل منا يستغفر الله، فيا فوز المستغفرين.

**     **     **

 

 2009-08-21
 9337
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

19-04-2024 28 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 28
12-04-2024 656 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 656
09-04-2024 560 مشاهدة
908ـ خطبة عيد الفطر 1445 هـ:هنيئا لك يوم الجائزة إن كنت من المقبولين

هَا نَحْنُ في عِيدِ الفَطْرِ الذي جَاءَنَا بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ القُرْآنِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ، لَقَدْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُذَكِّرًا لَنَا بِالنِّعْمَةِ العُظْمَى التي أَنْقَذَتِ البَشَرِيَّةَ مِنَ الضَّلَالِ ... المزيد

 09-04-2024
 
 560
04-04-2024 679 مشاهدة
907ـ خطبة الجمعة: شمروا عن ساعد الجد

هَا هُوَ الضَّيْفُ الكَرِيمُ يُلَوِّحُ بِالرَّحِيلِ، تَمْضِي أَيَّامُهُ مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا حُلُمٌ جَمِيلٌ، مَا أَحْلَى أَيَّامَكَ يَا أَيُّهَا الضَّيْفُ الكَرِيمُ، وَمَا أَمْتَعَ صِيَامَكَ، لَقَدْ ذُقْنَا فِيكَ لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ ... المزيد

 04-04-2024
 
 679
28-03-2024 569 مشاهدة
906ـ خطبة الجمعة: القرآن خير دستور

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ وَاللهِ بِمَثَابَةِ الرُّوحِ للجَسَدِ، وَالنُّورِ للهِدَايَةِ، فَمَنْ لَمْ يَقْرَأِ القُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَهُوَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ ... المزيد

 28-03-2024
 
 569
21-03-2024 1001 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 1001

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412778629
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :