أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6405 - الحياة الأخروية دائمة باقية

19-06-2014 43514 مشاهدة
 السؤال :
هل البشر في الآخرة يعيشون حياة دائمة باقية لا فناء فيها، سواء كانوا من أهل الجنة، أو من أهل النار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6405
 2014-06-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذهِ من جُملَةِ الأُمُورِ الغَيبِيَّةِ التي لا يَعلَمُ حَقِيقَتَها إلا اللهُ تعالى، ولذلكَ يَتَوَقَّفُ الجَوابُ على ذلكَ من خِلالِ الخَبَرِ الصَّادِقِ الذي يَأتِينَا من خِلالِ القُرآنِ العَظِيمِ، ومن خِلالِ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ.

وقد جَاءَ في القُرآنِ العَظِيمِ، ما يُصَرِّحُ بِدَيمُومَةِ الحَياةِ بَعدَ البَعثِ والنُّشُورِ، لِأهلِ الجَنَّةِ، ولِأهلِ النَّارِ، من هذهِ الآياتِ الكَرِيمَةِ:

أولاً: قَولُهُ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلَّاً ظَلِيلاً﴾. وقَولُهُ تعالى: ﴿قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. وآياتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ على خُلُودِ أهلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ أبَداً، حَيثُ لا خُرُوجَ مِنها، ولا زَوَالَ لَهُم عَنها، بَاقِينَ فيها أبداً بِغَيرِ انقِطَاعٍ ولا نِهَايَةٍ.

ثانياً: قَولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾. وقَولهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَا يَجِدُونَ وَلِيَّاً وَلَا نَصِيراً﴾. وقَولُهُ تعالى: ﴿إِلَّا بَلَاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً﴾. وقَولُهُ تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾. لا يَمُوتُ فَيَستَرِيحُ، ولا يَحيا حَيَاةً تَنفَعُهُ.

ثالثاً: روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ.

فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟

فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ.

ثُمَّ يُنَادِي، يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ.

فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟

فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ.

فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ؛ وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ».

ثُمَّ قَرَأَ: «﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ـ وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا ـ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾».

وفي رِوَايَةٍ للشيخين عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلَى حُزْنِهِمْ».

وروى الإمام البخاري عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أَهْلَ النَّارِ، لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، لَا مَوْتَ، خُلُودٌ».

وبناء على ذلك:

فالبَشَرُ في الآخِرَةِ يَعِيشُونَ حَيَاةً دَائِمَةً بَاقِيَةً لا فَنَاءَ فِيها، فأهلُ الجَنَّةِ في نَعِيمٍ دَائِمٍ بِدُونِ انقِطَاعٍ، وأهلُ النَّارِ في شَقَاءٍ دَائِمٍ بِدُونِ انقِطَاعٍ، وبِدَايَةً ونِهَايَةً ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾. و﴿الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
43514 مشاهدة