أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6500 - التوفيق بين حديثين شريفين

04-09-2014 44 مشاهدة
 السؤال :
كيف نوفق بين حديث: «الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ». وبين حديث: «فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6500
 2014-09-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلا تَعَارُضَ بَينَ الحَدِيثَينِ حتَّى يَتِمَّ التَّوفِيقُ بَينهُمَا، فالحدِيثُ الأَوَّلُ: «الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ» الذي رواه ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، هوَ كِنَايَةٌ عن وُجُوبِ طَاعَةِ الأُمِّ والتَّذَلُّلِ لَهَا وحُسْنِ صُحْبَتِهَا في غَيرِ مَعصِيَةٍ للهِ عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً﴾.

وأمَّا حَدِيثُ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقد بَيَّنَ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبَ دُخُولِ أَكثَرِهِنَّ النَّارَ، وذلكَ بِكُفرَانِ النِّعمَةِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ.

وبناء على ذلك:

فالكُلُّ مُكَلَّفٌ، والكُلُّ مُحَاسَبٌ يَومَ القِيَامَةِ، فالوَلَدُ مُكَلَّفٌ بِبِرِّ وَالِدَيهِ، وإن كَانَا كَافِرَينِ، وبِبِرِّهِ لَهُمَا وقَضَاءِ حَوَائِجِهِمَا دُونَ استِكبَارٍ عَلَيهِمَا ـ وخَاصَّةً الأُمِّ ـ فَإنَّهُ يَكُونُ من أَهلِ الجَنَّةِ بهذا الصَّنِيعِ، وهذا مَعنَى قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ».

وهذا ما أَكَّدَهُ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ بِقَولِهِ: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. فالكُلُّ رَاجِعٌ إِلَيهِ، والكُلُّ مَجزِيٌّ على عَمَلِهِ، فالوَلَدُ البَارُّ يَكُونُ في الجَنَّةِ، والأَبَوَانِ الكَافِرَانِ إذا مَاتَا على الكُفرِ فَإنَّهُمَا في النَّارِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
44 مشاهدة
الملف المرفق