أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1255 - لا يستطيع الابتعاد عن فتنة النساء

18-07-2008 26771 مشاهدة
 السؤال :
أنا شاب ملتزم، أريد الابتعاد عن فتنة النساء، ولكن الفتنة تلاحقنا أينما كنا، في العمل وفي الشارع... لم أرتكب جريمة الزنى، ولا أستطيع الصوم في مثل هذه الأيام، فبماذا تنصحني؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1255
 2008-07-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن شاء الله تبارك وتعالى تبقى ملتزماً، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عرفت فالزم» رواه الطبراني وابن أبي شيبة. ولقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30 ـ 32].

والذي حفظك من جريمة الزنى هو قادر على دوام حفظك من كل المعاصي، وخاصة هذه المعصية، إذا كنت تستحضر قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك» رواه الترمذي. فإذا حفظت أمانة الله التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، وشرَّفنا الله وكرَّمنا بحملها، فإن الله يحفظك، أليس هو القائل: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7].

أخي الكريم: تذكَّر بأننا ما خُلقنا إلا للاختبار والابتلاء، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]، وقال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}[العنكبوت: 1 ـ 2].

كيف يميَّز المؤمن الصادق من غير الصادق؟ التميُّز لا يكون إلا بالاتباع للمنهج الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن جملة ما جاء به صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، وقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].

ومن جملة ما قاله صلى الله عليه وسلم:

«من استغنى أغناه الله عز وجلَّ، ومن استعفَّ أعفه الله عز وجلَّ، ومن استكفى كفاه الله عزَّ وجلَّ» رواه النسائي، وقال صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَ عليَّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيدٌ، وعفيفٌ متعفِّفٌ، وعبدٌ أحسن عبادة الله ونصح لمواليه» رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وقال صلى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستاً أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم» رواه الحاكم وابن حبان. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ إني أسألك الهدى والتقى والعفافَ والغنى» رواه مسلم.

وأنت لا بدَّ لك من أسوة تتأسَّى بها، فهل تتأسَّى بالكامل أم بالناقص؟ لا شك بأنك تريد التأسِّي بالكامل، وهل هناك أكمل من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام؟ هذا سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه مولانا عز وجل: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23]، وقال مخبراً عن قوله: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].

تذكَّر يا أخي مقامك يوم القيامة إذا دُمت على العفة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعةٌ يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظِلُّهُ: إمامٌ عدلٌ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبُهُ معلقٌ في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأةٌ ذات منصب وجمال فقال: إنِّي أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتَّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه» رواه البخاري ومسلم.

أدعوك أخي الكريم:

أولاً: تذكّر ما قلته آنفاً.

ثانياً: تضرَّع إلى الله تعالى أن يهيئ لك الزوجة الصالحة، ولا تقنط من استجابة الدعاء.

ثالثاً: غُضَّ بصرك، وحصِّن فرجك.

رابعاً: استعن على ذلك بالصبر والصلاة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]. وإذا كان الله معك فأنت غالب ولست بمغلوب.

خامساً: إذا كنت تضعف عن الصيام فلا تُكثِر من الطعام.

سادساً: أكثر من مجالسة الصالحين.

وأسأل الله تعالى لنا ولك ولأصولنا وفروعنا وأزواجنا الحفظ والسلامة، وأن يوقظ أولياء البنات من غفلتهم. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
26771 مشاهدة