98ـ نحو أسرة مسلمة: وظائف العشر الأول من ذي الحجة

98ـ نحو أسرة مسلمة: وظائف العشر الأول من ذي الحجة

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام:

نحن نعيش في أيام مباركات عظيمة، لأن مولانا عز وجل أقسم بها، بقوله تعالى: {وَالْفَجْر * وَلَيَالٍ عَشْر}. وربنا عز وجل لا يُقسم إلا بعظيم، ومن عظمة هذه الأيام المباركة أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من غيرها.

روى البخاري في صحيحه عن سيدنا ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللَّه عَنْهُمَا، قالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (ما مِنْ أَيامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيها أَحَبُّ إِلى اللَّهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّامِ، يعني: أَيامَ العشرِ، قالوا: يا رسول اللَّهِ وَلا الجهادُ في سبِيلِ الله؟ قالَ: ولا الجهادُ في سبِيلِ الله، إِلاَّ رَجُلٌ خَرجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَم يَرجِعْ منْ ذلك بِشَيءٍ).

الزهد في العمل الصالح في هذه الأيام:

أيها الإخوة الكرام: بعض الناس عندما يسمع مثل هذه الآية الكريمة ومثل هذا الحديث الشريف، كأنها لا تُحدِث في نفسه أثراً، وتراه زاهداً في العمل الصالح بشكل عام، وخاصَّةً في هذه الأيام، فما السر في ذلك؟

السر في هذا والله تعالى أعلم: إما خلل في الإيمان وإما ضعف فيه والعياذ بالله تعالى، وهذا مؤشر خطير، لذلك يجب على العبد أن يتدارك نفسه قبل أن يندم ولا ينفعه الندم، يقول مولانا جلَّت قدرته في كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِين * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.

ويقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُون}. وقال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون}.

فأين نحن من تلاوة القرآن العظيم في هذه الأيام المباركة؟ وهل بوسع أحدنا أن يختم القرآن ختمةً كاملة في هذه الأيام؟ وهل بوسعنا أن نتفرَّغ لذلك، كما يتفرَّغ أهل الدنيا لدنياهم؟ أسأل الله تعالى أن يكرمنا بتلاوة القرآن العظيم آناء الليل وأطراف النهار حتى يزيد في إيماننا.

ومما لا شك فيه بأن زيادة الإيمان تكون بكثرة تلاوة القرآن العظيم، وتكون زيادة الإيمان بكثرة الطاعات لله عز وجل، لأن الطاعات تزيد في الإيمان، كما أن المعاصي تنقص الإيمان.

فكلما كثرت الطاعات زاد الإيمان، وكلما زاد الإيمان زادت الطاعات، وعلينا بزيادة الطاعات حتى نحسنها، لأن المهم في الطاعات النوع لا الكم، ولنحذر المعاصي والمخالفات حتى لا ينقص الإيمان، فالإيمان يزيد حتى يُدخل صاحبه الجنة، وينقص حتى يُدخل صاحبه النار والعياذ بالله تعالى.

من الأعمال الصالحة:

أيها الإخوة الكرام: لقد نوَّع الله عز وجل لنا الأعمال الصالحة، ورغَّبنا فيها النبي الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، من هذه الأعمال الصالحة:

أولاً: ذكر الله تعالى:

وذكر الله تبارك وتعالى صِيَغُهُ كثيرة، من جملتها تلاوة القرآن العظيم، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ). فلنكثر من التسبيح في هذه الأيام والليالي، وخاصةً لمن ابتُليَ بالكُرَب والشدائد، لأن علاج الكُرَب والشدائد هو التسبيح، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين}. وخاصةً تسبيح سيدنا يونس عليه السلام، كما أخبرنا مولانا عز وجل: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين}. فلننادِ في ظلمة الليل والأسحار: {لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين}. ونرجو الله تعالى أن لا ندخل في الظلمات التي دخلها سيدنا يونس عليه السلام، ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل.

ثانياً: صيام الأيام التسعة منها:

روى الإمام الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

وخاصة نحن في فصل الشتاء الذي هو ربيع المؤمن، قصر نهاره فصام ، وطال ليله فقام، فلنكثر من صيام هذه الأيام المتبقية، لأن صيام هذه الأيام غنيمة باردة، كما روى الإمام أحمد عن عامر بن مسعود الجمحي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ).

وصيام يومٍ واحد في سبيل الله يجعل الله به بين العبد والنار خندقاً، كما روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (من صام يوماً في سبيل الله، جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض).

ثالثاً: الصدقة:

من الأعمال الصالحة الصدقة، وخاصةً في هذه الأيام العشر، روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ).

فليكن أحدنا حريصاً على الصدقة، وخاصة أن تكون من حلال لا من حرام، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا).

احذروا الربا، واحذروا الرشوة، واحذروا أكل أموال الناس بالباطل، ولا تقل: الصدقة تكفِّر هذه الكبائر، هذه الكبائر لا تصح التوبة فيها إلا بإعادة الحقوق لأصحابها، والصدقة التي يقبلها الله تعالى هي ما كانت من كسب حلال.

وروى كذلك حديثاً آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ).

علينا بهذه الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة، علينا بالصدقة، وبالعفو عمن ظلمنا، وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ) رواه الإمام أحمد. وعلينا بالتواضع لخلق الله تعالى، ولنحذر من الاستكبار.

علينا بطاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عسى أن نفوز بدخول الجنة، وذلك لما رواه البخاري عَنْ أَبِي هريرة رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يدْخُلُونَ الْجنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبى. قِيلَ: وَمَنْ يَأَبى يا رسول اللَّه ؟ قالَ : منْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجنَّةَ، ومنْ عصَانِي فَقَدْ أَبى).

رابعاً: صيام يوم عرفة:

من الأعمال الصالحة، صيام يوم عرفة خاصة، لأنه يكفر الذنوب، روى الإمام مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ).

وصيامه يعدل صيام سنتين، روى الطبراني عن سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ رضي الله عنه، قال: (سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ).

خامساً: الأضحية في اليوم العاشر منه:

من الأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى في اليوم الأخير من أيام عشر ذي الحجة: الأضحية، وكلما جاء الحديث عن الأضحية رأيت حرص البعض على التفلُّت منها، ويسأل هل هي واجبة أم سنة؟ هل تكفي الأضحية عن أهل البيت كلهم أم لا بد من أن يضحي كلُّ من ملك النصاب من أفراد الأسرة؟

يا سبحان الله، الفارق بيننا وبين السلف الصالح، أنهم كانوا يحتالون على الالتزام، والبعض يحتال على التفلُّت من الالتزام.

أيها الإخوة: الأضحية واجبة عند السادة الحنفية على كلِّ من ملك النصاب، سواء كان زوجاً أو زوجة، أباً أو ابناً، وهي سنة مؤكدة عند السادة الشافعية.

أيها الإخوة الكرام: من عظيم فضل الله عز وجل علينا انه ما كلَّفنا إلا بعد العطاء، وتدبَّروا قول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر}. فما قال ربنا عز وجل: {وَانْحَر}. إلا بعد قوله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر}. والكوثر هو الخير العظيم العميم في الدنيا والآخرة، لا كما يزعم البعض بأن الكوثر هو السيدة فاطمة رضي الله عنها.

فالله تعالى لا يكلِّف إلا بعد عطاء، قال تعالى: {لإِيلاَفِ قُرَيْش * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْف * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف}. فكلَّف الله عباده بالعبادة لأنه تبارك وتعالى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

فعلينا بالأضحية وطيبوا بها نفساً، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا).

وحرِّض زوجتك وأولادك على الأضحية لأن الله تعالى يغفر للعبد المضحي بأول قطرة تقطر من دمها، وكن على يقين بأنَّ ما أنفقته هو الباقي، وما أكلته هو الذاهب، كما علَّمنا ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله: (يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي. قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا بْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ) رواه مسلم عن مُطَرِّفٍ رضي الله عنه.

وما كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم متناقضاً ـ حاشاه ـ بين أقواله وأفعاله، لذلك عندما ذبحت السيدة عائشة رضي الله عنه شاة ووزَّعتها إلا كتفها، كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه: (أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلا كَتِفُهَا، قَالَ: بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا).

وما أجمل الزوج عندما يُشجِّع زوجته وولده على الأضحية، وما أجمل أفراد الأسرة عندما تجتمع كلمتهم على التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، وخاصة في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا) رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: الفُرص قد تفوت ولا تُعوَّض، ولا يدري أحدنا متى ينتهي أجله، فهل نغتنم هذه الأيام المباركة بالأعمال الصالحة، وخاصة من صيام وقيام، وأقلُّ ما يمكن أن نحافظ على صلاة العشاء والفجر في جماعة، لأن من حافظ على صلاة العشاء والفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) رواه مسلم.

ونغتنم هذه الأيام بتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والتسبيح والتهليل والتكبير، وأن نتقرب إلى الله تعالى بالأضحية في اليوم العاشر من هذا الشهر العظيم المبارك.

اللهم وفِّقنا لذلك، ووفقنا للعمل الصالح الذي يرضيك عنا يا أرحم الراحمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**        **     **

 

 2010-11-10
 40489
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4137 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4137
21-01-2018 4991 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4991
14-01-2018 3587 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3587
08-01-2018 4176 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4176
31-12-2017 4205 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4205
24-12-2017 3991 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3991

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412705619
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :