28ـ مع الصحابة وآل البيت رضي: توديعه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ للحياة (4)

28ـ مع الصحابة وآل البيت رضي: توديعه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ للحياة (4)

 

 مع الصحابة و آل البيترَضِيَ اللهُ عَنهُم

28ـ توديعه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ للحياة (4)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: المَوْتُ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وأَكْثَرُ النَّاسِ عَنهُ غَافِلُونَ، وقد نَصَحَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالإِكْثَارِ من ذِكْرِ المَوْتِ، روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ».

أيُّها الإخوة الكرام: مَن اسْتَحْيَا من اللهِ تعالى حَقَّ الحَيَاءِ لَمْ يَغْفُلْ عن المَوْتِ، ولا عن الاسْتِعْدَادِ للمَوْتِ، روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَحْيُوا مِن اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ اللهِ.

قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِن اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد اسْتَحْيَا مِن اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».

أيُّها الإخوة الكرام: مَا كَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ فُرْصَةً من الفُرَصِ إلا ذَكَّرَ أَصْحَابَهُ بالمَوْتِ ومَا بَعْدَهُ، روى الإمام أحمد عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ بَصُرَ بِجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: «عَلَامَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ؟».

قِيلَ: عَلَى قَبْرٍ يَحْفِرُونَهُ.

قَالَ: فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَبَدَرَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مُسْرِعَاً، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، فَجَثَا عَلَيْهِ.

قَالَ: فَاسْتَقْبَلْتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ لِأَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى مِنْ دُمُوعِهِ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، قَالَ: «أَيْ إِخْوَانِي، لِمِثْلِ الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا».

أيُّها الإخوة الكرام: وكَانَ الوُعَّاظُ والعُلَمَاءُ الرَّبَّانِيُّونَ يُذَكِّرُونَ النَّاسَ دَائِمَاً بالمَوْتِ، لَعَلَّ تِلْكَ الذِّكْرَى تَدْفَعُهُم لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِم قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبُوا، ولِرَدِّ المَظَالِمِ إلى أَهْلِهَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا.

هذا سَيِّدُنَا أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يُخَاطِبُ أَهْلَ الكُوفَةِ قَائِلاً: يَا أَهْلَ الكُوفَةِ، تَوَسَّدُوا المَوْتَ إِذا نِمْتُمْ، واجْعَلُوهُ نُصْبَ أَعْيُنِكُمْ إِذا قُمْتُمْ.

أيُّها الإخوة الكرام: مَا نَجَا أَحَدٌ من البَشَرِ من المَوْتِ، فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاقَ مَا سَيَذُوقُهُ البَشَرُ جَمِيعَاً ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ﴾.

عَرَضَ نَفْسَهُ الشَّرِيفَةَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للقَصَاصِ:

أيُّها الإخوة الكرام: عِنْدَمَا شَعَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِدُنُوِّ الأَجَلِ، أَخَذَ يُظْهِرُ بَعْضَ المَلامِحِ على فِرَاقِ الحَيَاةِ الدُّنيَا من خِلالِ عِبَادَاتِهِ وأَفْعَالِهِ، من جُمْلَةِ ذلكَ، عَرْضُ نَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ للقَصَاصِ:

جَاءَ في سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في كِتَابِ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ، عِنْدَمَا أَحَسَّ ـ يَعنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ بِخِفَّةٍ، دَخَلَ المَسْجِدَ مُتَعَطِّفَاً مَلْحَفَةً على مَنْكِبَيْهِ، قَد عَصَبَ رَأْسَهُ بِعَصَابَةٍ دَسْمَةٍ حَتَّى جَلَسَ على المِنْبَرِ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ:  «أَيُّهَا النَّاسُ، إِلَيَّ».

فَثَابُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ ـ فِيمَا قَالَ: «لَعَنَةُ اللهِ على الْيَهُودِ والنَّصَارَى، اِتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ـ وفي رِوَايَةٍ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اِتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ـ وَقَالَ: «لا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنَاً يُعْبَدُ».

وَعَرَضَ نَفْسَهُ للقِصَاصِ قَائِلاً: «مَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرَهُ فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضَاً فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ».

ثمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ على المِنْبَرِ، وَعَادَ لِمَقَالَتِهِ الأُولى في الشَّحْنَاءِ وَغَيْرِهَا.

فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ لِي عِنْدَكَ ثَلاثَةَ دَرَاهِمٍ.

فَقَالَ: «أَعْطِهِ يَا فَضْلُ».

ثمَّ أَوْصَى بالأَنْصَارِ قَائِلاً:

«أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي ـ أَي خَاصَّتِي وَمَوضِعُ سِرِّي ـ، وَقَدْ قَضَوا الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ».

وفي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرَاً يَضُرُّ فِيهِ أَحَدَاً أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ».

أيُّها الإخوة الكرام: هَلْ رَأَتِ الدُّنيَا قَائِدَاً أَعْظَمَ وأَكْمَلَ وأَفْضَلَ وأَرْحَمَ وأَخْشَى للهِ تعالى من سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

الخُرُوجُ من المَظَالِمِ قَبْلَ المَوْتِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوصِي الأُمَّةَ بِرَدِّ المَظَالِمِ إلى أَهْلِهَا قَبْلَ حُلُولِ الأَجَلِ، وإلا نَدِمَ العَبْدُ حَيْثُ لا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ.

روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ».

وروى أَيْضَاً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ، جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن ضَرَبَ مَمْلُوكَهُ ظُلْمَاً أُقِيدَ مِنهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».

«اسْتَقِدْ»:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد عَرَضَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ للقِصَاصِ، إِشْعَارَاً للأُمَّةِ بِنِهَايَةِ الأَجَلِ، وَلِيُعْطِ الأُمَّةَ دَرْسَاً من خِلالِ قَوْلِ اللهِ عزَّ وجلَّ: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا عَرَفَ الظُّلْمَ، بَلْ جَاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيَرْفَعَ الظُّلْمَ عَن العِبَادِ.

أيُّها الإخوة الكرام: لقد عَلِمَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَكُونُ العَدْلُ، وكَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إِنْصَافُ الآخَرِينَ من النَّفْسِ.

روى أَبو نعيم عَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَدَلَ صُفُوفَ أَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي يَدِهِ قَدَحٌ ـ سَهْمٌ ـ يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ قَالَ: وَهُوَ مُسْتَنْتِلٌ مِنَ الصَّفِّ ـ مُتَقَدِّمٌ أَصحَابَهُ ـ، فَطَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالْقَدَحِ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: «اسْتَوِ يَا سَوَادُ ».

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْجَعَتْنِي، وَقَدْ بَعَثَكَ اللهُ بِالْعَدْلِ، فَأَقِدْنِي.

قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَقِدْ».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ طَعَنْتَنِي وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ.

قَالَ: فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ: «اسْتَقِدْ».

قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ، وَقَبَّلَ بَطْنَهُ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَضَرَنِي مَا تَرَى، وَلَمْ آمَنِ الْقَتْلَ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِخَيْرٍ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في آخِرِ حَيَاتِهِ أَنْ يُعَلِّمَ الأُمَّةَ كَيْفَ تَكُونُ التَّقْوَى، وكَيْفَ يَكُونُ الاسْتِعْدَادُ لِيَوْمِ القِيَامَةِ، لأَنَّ اللهَ تعالى قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَ الأُمَّةَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلَاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾. فَحَتَّى لا يُفَاجَأَ العَبْدُ بذلكَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَقَفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ يَعْرِضُ نَفْسَهُ للقِصَاصِ.

فَهَلْ تَنَبَّهَتِ الأُمَّةُ لذلكَ، وهَلْ تَنَبَّهْنَا لذلكَ؟ وهَلْ اسْتَحْضَرْنَا المَوْتَ الذي سَيَعُمُّنَا، والقَبْرَ الذي سَيَضُمُّنَا، والقِيَامَةَ التي سَتَجْمَعُنَا، واللهَ تعالى الذي سَيَفْصِلُ بَيْنَنَا؟

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 22/رمضان /1435هـ، الموافق: 9/تموز / 2015م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1396 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1396
13-02-2020 1958 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1958
23-01-2020 2592 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2592
16-01-2020 990 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 990
09-01-2020 1328 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1328
03-01-2020 1023 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1023

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413193204
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :