أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

912 - أقسام الحب عند الإنسان

03-03-2008 29314 مشاهدة
 السؤال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة) فما هو الفرق بين المحبة في الله والتعلق؟وما هو العلاج؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 912
 2008-03-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فحبُّ الإنسان للإنسان على أقسام:

1ـ حبٌّ لذاته، فيحبه بسبب جمال خَلقٍ أو جمال خُلُق.

2ـ حبٌّ لمصلحة عاجلة في الدنيا، فيحبه لجلب نفع أو لدفع ضرر.

3ـ حبٌّ لمصلحة آجلة دون الالتفات إلى العاجلة ولو حصلت، فيحب الإنسانُ الإنسانَ لمصلحة أخروية حتى يكون في ظل عرش الرحمن، وحتى يحشر على منابر من نور في الجنة، وحتى يكون شفيعاً له يوم القيامة.

4ـ حبٌّ لله وفي الله لا ينال منه شيئاً، لا عاجلاً ولا آجلاً، وإن كان الخير سيناله عاجلاً وآجلاً، إلا أنه أحبَّ صاحبه لله وفي الله، لأن هذا المحبوب صنعة الله تعالى، فمن أحبَّ صانعاً أحب صنعته.

فهذا الحب بقسميه الأول والثاني يزول بزوال السبب، فإذا ذهب جمال الخَلقِ أو جمال الخُلُقِ ذهب معه الحب، وإذا جُلِبَ النفع أو دُفِعُ الضرر ولم تبق له مصلحة في ذلك زال الحب وانتهى.

وأما القسم الثالث والرابع فهو الذي يدوم بإذن الله تعالى، وهو الذي يقول فيه العلماء: ما كان لله فهو المتصل، وما كان لغير الله فهو المنفصل.

وعلامات الحب في الله كثيرة؛ من جملتها: إعانة المحب لمحبوبه وبالعكس على طاعة الله عز وجل، وعلى ترك الهوى وحظوظ النفس، وأن يكونا متناصحَين، وألا يشغل كلٌّ منهما صاحبه عن الله عز وجل، يجتمعان على الله تعالى ويتفرقان على ذلك، وكلٌّ منهما يحبُّ صاحبه، فهو محبٌّ ومحبوب في آن واحد، ولا تؤثر عليهما الدنيا، والحب بينهما في ازدياد دون نقصان، ما داما على طاعة الله عز وجل، وهذا هو الحُبُّ المحبوبُ عند الله والمطلوب بين عباده.

أما التعلُّق فإنه مذموم: لأنه حبٌّ معلول بعلة، إما لجمال خَلقٍ أو جمال خُلُقٍ، أو لجلب نفع أو لدفع ضرر، وهذا الحب يزول بزوال سببه، وقد يكون الواحد منهما محباً وليس محبوباً عند صاحبه، وقد يصبح المحبوب حجاباً للمحب عن الله عز وجل، من حيث يشعر أو لا يشعر، ورحم الله من قال: عدو يوقفك على باب مولاك خير من صديق يحجبك عن الله تعالى.

وعلاج التعلُّق المذموم:

أولاً: أن يصحِّح العبد إيمانه بالله تعالى، وأن يعلم بأن النافع والضار والمعطي والمانع إنما هو الله عز وجل، وأن يتذكر حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ثانياً: أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من أحببت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به» رواه الحاكم والطبراني والبيهقي في الشعب.

ثالثاً: أن يراقب الله تعالى، ويعلم بأن الله تعالى مُطَّلع على قلبه ونيَّته.

رابعاً: أن يعلم بأن لكلِّ شيء عِوَضاً، إلا الله تعالى فليس له عوض.

خامساً: هذه الأمور لا تكون إلا بكثرة ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن العظيم، وكثرة الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ونرجو الله تعالى أن يجعل حُبَّنا لله وفي الله لجميع خلقه، وألا تتعلق قلوبنا إلا به. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

السؤال19: هل يجوز أن أدعو الله عز وجل أن أكون زوجة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخرة؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالدعاء مطلوب شرعاً بنص القرآن العظيم بقول الله عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].

وإن الدعاء مستحبٌّ ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم، كما جاء في الحديث الشريف: «لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» رواه مسلم.

ودعاؤك بأن تكوني زوجة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس إثماً، ولا حرج في هذا الدعاء إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
29314 مشاهدة