5ـ بمناسبة حلول شهر رمضان: أسئلة هامة في الزكاة

5ـ بمناسبة حلول شهر رمضان: أسئلة هامة في الزكاة

 

سؤال: ما حكم الزكاة؟

الجواب: الزكاة فريضة من فرائض الإسلام، وركن من أركان الدين، إذا توافرت أسبابها وشروطها، وقد دلَّ على وجوبها الكتاب والسنة والإجماع.

1ـ الدليل من القرآن العظيم، قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقوله تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11].

2ـ والدليل من السنة قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) رواه البخاري ومسلم.

وكذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن: (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) رواه البخاري.

3ـ أمَّا الإجماع، فقد أجمع المسلمون في جميع الأعصار وكل الأمصار على وجوبها، واتفقت كلمة الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعيها. وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله)؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَناقاً كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها). قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه، فعرفت أنه الحق. وفي رواية: (عِقالاً كانوا يؤدونه). العَناق: الأنثى من ولد المعز ما لم يتم له سنة. والعقال: الحبل الذي يعقل به البعير.

وحذر القرآن مانعي الزكاة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُون} [التوبة: 34ـ35].

وجاء في صحيح البخاري عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثِّلَ له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يُطوِّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه، يعني شدقيه، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك) ثم تلا: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} [آل عمران: 180].

الشجاع: الثعبان أو الحية الذكر. الأقرع: لا شعر على رأسه لكثرة سمه، وطول عمره. زبيبتان: نابان يخرجان من فمه، أو نقطتان سوداوان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه. شدقيه: جانبي الفم. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هي الحكمة من تشريع الزكاة؟

الجواب: تشريع الزكاة له حِكَمٌ كثيرة، منها:

1ـ الزكاة تطهر النفس من الشح والبخل، وسيطرة حب المال على مشاعر الإنسان، وتزكي المزكي بتوليد مشاعر المودة والرحمة، وتشارك في إقالة العثرات، ودفع حاجة المحتاجين، وذلك لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103].

وفيها من المصالح للفرد وللمجتمع ما لا يخفى على عاقل، وأقل ما فيها أنها تطهر نفس المزكي من الشح والبخل، والآخذ من الغل والحقد والحسد.

2ـ الزكاة تدفع أصحاب الأموال لإخراجها وتنميتها حتى لا تأكلها الزكاة، وفي ذلك حركة اقتصادية للأمة، وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم، كما أخرج الإمام الترمذي: (ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة).

3ـ الزكاة تسد حاجات المحتاجين، وبذلك تنتهي المفاسد الاجتماعية والخلقية الناشئة من الفقر والحاجة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هي عقوبة مانع الزكاة؟

الجواب: يعتبر مانع الزكاة مرتكباً محرماً هو كبيرة من الكبائر، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أُحْمِي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبينه، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).

ومن منع الزكاة وهو في قبضة الإمام تؤخذ منه قهراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) رواه البخاري. ومن حقها الزكاة.

وقد قال الصديق رضي الله عنه: (والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه) رواه البخاري، وأقره الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.

ومن كان خارجاً عن قبضة الإمام ومنع الزكاة، فعلى الإمام أن يقاتله لأنَّ الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا الممتنعين من أدائها، فإن ظفر به أخذها منه من غير زيادة على قول جمهور الفقهاء، وعلى قول الإمام الشافعي في القديم يأخذ الإمام الزكاة منه وشطر ماله عقوبة له. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هي مصارف الزكاة؟

الجواب: مصارف الزكاة ثمانية محصورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [التوبة: 60].

والفقراء والمساكين هم أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفيهم، وإذا أطلق لفظ الفقراء دخل فيهم المساكين، وكذلك العكس إذا أطلق لفظ المساكين دخل فيهم الفقراء، وإذا جمع بينهم في كلام واحد كما في الآية الكريمة تميز كل منهما بمعنى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: من هو الفقير والمسكين؟ ومن أشدهما حاجة؟

الجواب: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفقير أشد حاجة من المسكين، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79] فأثبت لهم وصف المسكنة مع كونهم يملكون سفينة ويعملون فيها.

وذهب الحنفية والمالكية إلى أن المسكين أشد حاجة من الفقير، لقول الله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَة} [البلد: 16] وهو المطروح على التراب لشدة جوعه.

وقال الشافعية: الفقير من لا مال له ولا كسب، أو له كسب لا يكفيه، فإن وجد من كسبه ما يفي بنصف حاجته فهو مسكين.

وقال الحنفية: المسكين من لا يجد شيئاً، ولا يقدر على الكسب. أما الفقير: فهو من ملك ما دون النصاب، أو ملك نصاباً ولكنه مستغرق في حاجته.

ومن خلال هذا فلا يجوز إعطاء الزكاة لغني، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حظ فيها لغني) رواه أبو داود. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هو حد الغنى الموجب لدفع الزكاة؟

الجواب: الغني عند جمهور الفقهاء: من ملك من الأثمان أو غيرها ما يكفيه ويكفي من يمونه، فمن ملك ما لا يكفيه ولا يكفي من يمونه حلت له الزكاة، ولو كان عنده أكثر من نصاب، وعلى هذا: فلا يمتنع أن يوجد من تجب عليه الزكاة وهو مستحق للزكاة.

أما الغنى عند الحنفية: فهو الغنى الموجب للزكاة، فمن تجب عليه الزكاة لا يحل له أن يأخذ الزكاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) رواه البخاري.

فمن ملك نصاباً زائداً عن حاجاته الأصلية فهو غني، فلا يجوز أن تُدفع له الزكاة، ولو كان ما عنده لا يكفيه لعامه.

وقال جمهور الفقهاء: من لم يكن له مال، أو له مال لا يكفيه فإنه يستحق من الزكاة، إلا أن يكون من لزمته نفقته مليئاً من نحو والد فلا يعطى من الزكاة. وكذلك من له صنعة تكفيه وإن كان لا يملك في الحال مالاً.

وقال الحنفية: يجوز دفع الزكاة إلى من عنده دخل سنوي أو شهري أو يومي إن لم يملك نصاباً زكوياً. ويجوز دفعها إلى الولد الذي أبوه غني إن كان الولد كبيراً فقيراً، سواء أكان ذكراً أم أنثى، أما الولد الصغير الذي أبوه غني فلا تدفع إليه الزكاة لأنه يعد غنياً بغنى أبيه. وكذلك المرأة الفقيرة إن كان لها زوج غني يجوز إعطاؤها من الزكاة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما المقدار الذي يُعطاه الفقيرُ والمسكينُ من الزكاة؟

الجواب: ذهب الشافعية: إلى أن الفقير والمسكين يُعطيان ما يخرجهما من الفقر إلى الغنى، وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام، وقالوا: إن كان صاحب حرفة أعطي ما يشتري به أدوات لحرفته قلَّت قيمتها أو كثرت، بحيث يحصل له من ربحه ما يكفيه، وإن كان تاجراً أعطي بنسبة ذلك.

وذهب الحنفية إلى أن من لا يملك نصاباً زكوياً كاملاً يجوز أن يدفع إليه أقل من مئتي درهم ما يساوي تقريباً /700/ غ من الفضة، ويكره أكثر من ذلك، هذا لمن لم يكن له عيال، ولا دين عليه، فإن كان له عيال فيعطى له ولكل واحد يعوله مئتا درهم، والمدين يعطى لدينه، ولو كان أكثر من المئتين. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: من هو الغارم الذي يُعطى من الزكاة؟

الجواب: ما يعطاه الغارم من الزكاة هو على ثلاثة أنواع:

أولاً: من كان عليه دين لمصلحته الشخصية، أو لمن يعول.

ثانياً: الغارم لإصلاح ذات البين، وهذا عند السادة الشافعية والحنابلة سواء أكان غنياً أو فقيراً، ولا يعطى عند الحنفية إلا إن كان لا يملك نصاباً فاضلاً عن دينه.

ثالثاً: الغارم بسبب دين ضمان، وهذا عند الشافعية بشرط أن يكون الضامن والمضمون عنه معسرين.

فيعطى الغارمون بمقدار ما يسد ديونهم، ولو زاد على النصاب. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما المقصود بمصرف (في سبيل الله)؟

الجواب: ما يعطى في سبيل الله هو على ثلاثة أنواع:

الأول: الغزاة في سبيل الله يجوز إعطاؤهم من الزكاة قدر ما يتجهزون به للغزو، ولا يشترط عند الجمهور في الغازي أن يكون فقيراً، بل يجوز إعطاء الغني لذلك، لأنه لا يأخذ لمصلحة نفسه. خلافاً للحنفية فلا يعطى إن كان غنياً.

الثاني: في مصالح الحرب نحو بناء أسوار البلد لحفظها من غزو العدو، وشراء السلاح وآلات الحرب وتجعل وقفاً، هذا عند بعض الشافعية والمالكية.

الثالث: الحجاج، ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز الصرف في الحج من الزكاة، وأجاز الإمام أحمد ذلك في رواية وبعض فقهاء الحنفية. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تدفع الزكاة لصاحب بدعة ولتارك الصلاة؟

الجواب: عند السادة الحنفية: الأولى تقديم أهل الدِّين المستحقين عليه في الاعتقاد والعمل على من عداهم عند الإعطاء من الزكاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) رواه أحمد. وقالوا بجواز إعطاء الزكاة للمنتسبين إلى الإسلام من أهل البدع إذا كانوا من الأصناف الثمانية ما لم تكن بدعتهم مكفرة تُخرج المبتدع عن الإسلام.

وعند السادة الحنابلة: من أظهر بدعة أو فجوراً فإنه يستحق العقوبة بالهجر وغيره، ويستتاب، فكيف يعان على ذلك؟ وقالوا: من كان لا يصلي يؤمر بالصلاة، فإن قال: أنا أصلي، أُعطيَ، وإلا لم يعط. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجب تعميم الزكاة على الأصناف الثمانية الذين ذكروا في الآية الكريمة؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجب تعميم الزكاة على الأصناف الثمانية، سواء أكان المال كثيراً أم قليلاً، بل يجوز أن تعطى لصنف واحد أو أكثر، ويجوز أن تعطى لصنف واحد إن لم تزد على كفايته، واحتجوا لذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) رواه البخاري. وقالوا: الواو في الآية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] بمعنى (أو)، أو هي لبيان المصارف.

وذهب الشافعية إلى أنه يجب تعميم الأصناف، وإعطاء كل صنف منهم الثمن من الزكاة المتجمعة، هذا إذا كان العاملون عليها بتكليف من الإمام، وإلا تعمم على سبعة أصناف. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما حكم نقل الزكاة من بلد لآخر؟

الجواب: يرى السادة الحنفية أنه يكره تنزيهاً نقل الزكاة من بلد إلى بلد، وإنما تفرق صدقة كل أهل بلد فيهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) رواه البخاري. واستثنوا أن ينقلها إلى قرابته لما فيه من صلة رحم، أو إلى قوم أحوج إليها من أهل بلده.

وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة إلى ما يزيد عن مسافة القصر، والتي تقدر بـ /81/ كم.

وإن نقلت الزكاة إلى بلد آخر أكثر من مسافة القصر بدون مسوغ لنقلها، فقد ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنها تجزئ عن صاحبها، لأنه لم يخرج عن الأصناف الثمانية. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هي شروط سقوط الزكاة بالدين؟

الجواب: اشترط أكثر الفقهاء لإسقاط الدين من الزكاة أن لا يجد المزكي مالاً يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه الزكاة، فلو كان له مال آخر لا تجب فيه الزكاة، فائض عن حاجاته الأساسية، فإنه يجعله في مقابلة الدين لكي يسلم المال الزكوي من النقص فيخرج زكاته.

مثال هذه المسألة: رجل عنده مئة ألف ليرة سورية، وعليه دين مئة ألف ليرة سورية، ويملك على سبيل المثال بيتاً أو مزرعة أو أرضاً قيمتها مئة ألف ليرة سورية وهي زائدة عن حاجته الأصلية، وليست معدة للتجارة، فكيف يحسم الدين؟ هل من المال النامي الذي بين يديه وهو مئة ألف ليرة سورية؟ أم يحسم من المال غير النامي الذي هو البيت أو المزرعة أو الأرض التي قيمتها مئة ألف ليرة سورية، وهي غير معدة للتجارة.

ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الدين يحسم من المال غير النامي، أي من قيمة البيت أو الأرض أو المزرعة، وليس من المال النامي المُعَدِّ للتجارة، وذلك ترجيحاً لمصلحة الفقير، ويستوي في هذا أن يكون المال غير النامي مؤجراً أو غير مؤجر.

وخاصة نحن نرى اليوم أكثر أصحاب الأموال الضخمة عندهم من الأموال غير النامية ـ المجمدة ـ الكثير، وهي فائضة عن حوائجهم، بل الكثير منهم من يتاجر باسمه وشهرته، فيأخذ البضائع بالدين ويبيعها ويحول أرباحه إلى أموال غير نامية ـ جامدة ـ.

لذلك ينظر في مثل هذه المسألة في الأصلح لحالة الفقير.

أما إذا لم يكن عنده مال غير نام، فإنه يسقط الدين من المال النامي الذي تجب فيه الزكاة، فإن أسقط الدين منه وبقي عنده من المال النامي بمقدار نصاب فإنه يؤدي زكاته، وإلا فلا. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز إخراج الزكاة من العروض التجارية، أم لا بد من النقد حصراً؟

الجواب: الأصل في زكاة العروض التجارية أن يخرجها بنسبة ربع العشر من قيمتها، لقول سيدنا عمر رضي الله عنه لحماس عندما مرَّ به: (يا حماس أدِّ زكاة مالك. فقال: والله ما لي مال، إنما أبيع الأُدْم والجعاب. فقال: قوِّمه وأدِّ زكاته) رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبيهقي. [الأُدْم: الجلد. والجعاب: جمع جَعْبة وهي ما توضع فيه السهام]. فإن أدى زكاته من النقد أجزأ اتفاقاً، لأن الزكاة وجبت في قيمة الأشياء لا في أعيانها.

ثم إن الفقراء قد لا يحتاجون إلى تلك العروض التجارية، وقد لا ينتفعون منها، وقد يكونون بحاجة ماسة إلى غيرها، فلماذا نلزمهم بها؟

فإن أخرج المزكي ماله من العروض التجارية، فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك، فعند السادة الحنابلة والمفتى به عند الشافعية لا تجوز هذه الزكاة. وعند السادة الحنفية، المزكي مخير بين الإخراج من العروض التجارية أو من القيمة، فيجوز عندهم إخراج سلعة بقيمة ما وجب عليه من الزكاة.

وبناء على ذلك:

الأحوط لدِين المزكي، وحتى تبرأ ذمته بيقين أن يخرج القيمة لا السلعة، وإن كان ولا بد فلا أقل من أن يعرض ذلك على الفقير ويرضى به، وإلا فلا يُخرج إلا القيمة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز أن يدفع الأب زكاة ماله لولده المتزوج المنفصل عنه، وهو بحاجة ماسة إلى المال؟

الجواب: لا يجوز للمزكي أن يدفع زكاة ماله إلى كل من انتسب إليه المزكي، أو انتسب إلى المزكي بالولادة، فلا تدفع الزكاة لأصول المزكي، وأصولُه: أبواه وأجداده وجداته، وارثين كانوا أم لا، وكذا لا تدفع إلى فروعه، وفروعُه: أولاده وأولاد أولاده.

فالزكاة لا تؤخذ من الأصل وترد على الفرع، ولا تؤخذ من الفرع وترد على الأصل، وعلى الأب أن يساعد ولده إن احتاج من مال غير الزكاة كالصدقة والهبة، لحديث معن بن يزيد، قال: أخرج أبي دنانير يتصدق بها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فقال: والله ما إياك أردت، فجئت أخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (لك ما نويت يا زيد، ولك ما أخذت يا معن) رواه البخاري.

وقال العلماء تعليقاً على هذا الحديث الشريف: الظاهر من هذه الصدقة أنها صدقة تطوع، وليست الزكاة المفروضة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في أموال القاصرين إذا بلغت نصاباً، ومن هو المسؤول عن تزكيتها؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى فرضية الزكاة في مال الصغير وكذلك المجنون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة) أخرجه الترمذي. والمراد بالصدقة هنا الزكاة المفروضة، لأنه لا يخرج من مال الصبي والمجنون صدقة التطوع، إذ ليس للولي أن يتبرع من مال اليتيم بشيء.

وذهب الحنفية إلى أنَّ الزكاة لا تجب في مال الصغير والمجنون، ما عدا زكاة الزروع والثمار، وزكاة الفطر، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم) أخرجه أبو داود. وقالوا: الزكاة عبادة، والعبادة لا تؤدى إلا بالاختيار، ولا اختيار للصبي والمجنون.

والأخذ بقول جمهور الفقهاء أولى والله تعالى أعلم، لأن الزكاة حق من حقوق المال، وحقوق المال يستوي فيها الصغير والكبير، والمجنون والعاقل، ولكن يجب أن تستوفي شروط النصاب الموجب للزكاة، وهو أن يكون سالماً من الدين، زائداً عن حوائجه الأصلية.

أما المسؤول عن تزكية هذه الأموال عند الجمهور فهو ولي القاصر، لأنَّ الولي يقوم مقام القاصر في أداء ما على القاصر من حقوق وواجبات، والواجب على الولي أن ينوي أنها من زكاة القاصر أو المجنون، فإن لم يخرجها الولي وجب على الصبي أداؤها بعد بلوغه عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز إسقاط الدَّين عن مدينٍ مستحقٍّ للزكاة واعتباره من الزكاة؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والأصح عند الشافعية إلى أنه لا يجوز للدائن أن يسقط دينه عن مدينه الفقير المعسر الذي ليس عنده ما يسدد به دينه ويحسبه من زكاة ماله، فإن فعل ذلك لم تصح زكاته، ويجب عليه إعادة الزكاة.

ووجه المنع أنَّ الزكاة حق لله تعالى، فلا يجوز للإنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه، أو إحياء ماله، واستيفاء دينه.

ولكن إن دفع الدائن زكاة ماله إلى مدينه فردها المدين إليه سداداً لدينه، أو استقرض المدين ما يسدد به دينه فدفعه إلى الدائن فرده إليه واحتسبه من الزكاة، فإن لم يكن ذلك حيلة، أو تواطؤاً، أو قصداً لإحياء ماله، جاز عند جمهور الفقهاء، وإلا فلا. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هي الآداب التي يجب مراعاتها في إخراج الزكاة؟

الجواب: أولاً: يستحب للمزكي إخراج الجيد من ماله والمحبوب عنده، وذلك لقول الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267].

ثانياً: إظهار إخراج الزكاة وإعلانه، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: جعل الله صدقة السر في التطوع تَفْضُلُ علانيتها يقال: بسبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفاً اهـ. نظير ذلك الصلاة، تطوعها في البيت أفضل، وفريضتها في المسجد ومع الجماعة أفضل. إلا أن يخشى الشهرة والرياء في إعلان الزكاة فلا يظهرها.

ثالثاً: أن يحذر المَنَّ والرياء والأذى، لأنها تحبط الأجر، وهي محرمة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} [البقرة: 264]. ومن هنا استحب المالكية للمزكي أن يستنيب من يخرجها خوف قصد المحمدة.

رابعاً: أن يدعو المزكي عند دفعها، فيقول: (اللهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً)، ويقول الآخذ: (آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله لك طهوراً).

خامساً: أن يختار لأداء الزكاة من اتصف بالتقوى والعلم والتعفف.

سادساً: الإسراع لإخراج الزكاة، امتثالاً لأمر الله تعالى، ويقول: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84].

سابعاً: ألا يكسر قلب الفقير بإعلامه أن المدفوع له هو زكاة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل يملك مالاً بالغاً للنصاب، وهو يريد شراء بيت مناسب لوضعه الصحي، وحال عليه الحول والمال في يده، وبعد حولان الحول وجد البيت المناسب له، فاشترى ذلك البيت، والسؤال: هل بقيت الزكاة ديناً في ذمته أم سقطت عنه؟ وهل تجب الزكاة في الأجرة إذا أجَّر تلك الدار؟

الجواب: إذا حال الحول على المال وهو بالغ النصاب، وهو بيد صاحبه وجبت فيه الزكاة، لأنَّ الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة.

وبناء على ذلك:

طالما حال الحول، والمال بيد صاحبه، ولم يشتر الدار إلا بعد حولان الحول، وجبت الزكاة في هذا المال، وصارت ديناً في ذمته، وخاصة أنَّ الدار المشتراة سوف تُؤجَّر في المستقبل.

وإذا أجَّر المشتري الدار وقبض الأجرة من المستأجر، ضمها إلى ماله إن كان له نصاب من سابق، وإلا استأنف لها حولاً مستقلاً، وفي هذه الحال إذا بقيت الأجرة بيده دون استهلاك حتى حال الحول الثاني عليه وجبت الزكاة عليه إذا كان المال بالغاً النصاب، وإذا كانت الأجرة لم تبلغ نصاباً، فإنه يضيفها إلى المال الذي عنده إن وجد، فإن بلغ نصاباً دفع زكاته، وإلَّا فلا تجب فيها الزكاة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز أن يعجّل الرجل زكاة ماله قبل ميعاد الحول ولأكثر من عام؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّه يجوز للرجل المسلم المزكي أن يُعجِّل في إخراج زكاة ماله قبل نهاية الحول لعام واحد إذا كان مالكاً للنصاب، أما إذا كان غير مالك للنصاب فلا يجوز تعجيل الزكاة، لأنَّ النصاب سببٌ في وجوب الزكاة، والحول شرطها، ولا يقدم الواجب قبل سببه، ولكن يقدم قبل شرطه، وهذا بالاتفاق بين الفقهاء.

وأما تعجيل الزكاة لأكثر من عام، فذهب الحنفية إلى جواز ذلك، وقالوا: لو عجَّل ذو نِصاب زكاته لسنين، أو لنُصُب صح لوجود السبب، أي سبب الوجوب، وهو ملك النصاب، فيجوز التعجيل لسنة وأكثر، وكذا النُصب، لأنَّ النصاب الأول هو الأصل في السببية، والزائد تابع له.

ولكنَّهم قالوا: ولا يخفى أن الأفضل عدم التعجيل للاختلاف فيه عند العلماء.

وبناء على ما تقدم:

1ـ يجوز تعجيل الزكاة قبل نهاية الحول إذا كان مالكاً للنصاب.

2ـ يجوز تعجيل الزكاة لأكثر من عام عند الحنفية، والأفضل عدم التعجيل عن أكثر من عام. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز بناء المشافي أو تجهيزها أو شراء الأدوات الطبية من أموال الزكاة؟ وهل الحكم واحد كذلك في شأن المدارس الشرعية وبناء المساجد؟

الجواب: لا يجوز بناء المشافي، ولا تجهيزها، ولا شراء الأدوات الطبية، ولا شراء أرض لبناء المشافي أو بناء المساجد أو المدارس الشرعية من أموال الزكاة، لأنَّ الزكاة التي فرضها الله تعالى على الأغنياء خصها الله تعالى بأصناف ثمانية بأداة حصر وقصر وهي (إنما) التي تثبت المذكور وتنفي ما عداه، فقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [التوبة: 60].

وأخرج الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأعلِمهم أنَّ الله افترض عليهم زكاةً تُؤخذ من أغنيائهم وتُردُّ على فقرائهم).

فلا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكروا في الآية الكريمة، لقوله صلى الله عليه وسلم للذي جاء يسأله عن الصدقة: (إنَّ الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك) أخرجه أبو داود.

وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم، ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة المتبوعة، لأنَّ الزكاة شرعت لسدِّ حاجة هذه الأصناف الثمانية من المسلمين، وليتحقق بذلك التكافل الاجتماعي لدى المسلمين، ويعيش الجميع في كرامة وعزة، وصرفُها لغير هذه المصارف كبناء المشافي، والأدوات الطبية، وبناء المساجد، والمدارس الشرعية وغير الشرعية لا تحقق هذه الغاية الشرعية.

وقد يحتج من يرى جواز صرف الزكاة في المصالح العامة، بقوله تعالى في مصارف الزكاة: {وَفِي سَبِيلِ اللّهِ} [التوبة: 60]، وهذا الاحتجاج لا يصح، لأمور عدة:

أولاً: أن سبيل الله تعالى إذا ذكر في القرآن الكريم لا يراد به إلا الجهاد، قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: سُبُل الله كثيرة، ولكني لا أعلم خلافاً في أنَّ المراد بسبيل الله هنا: الغزو. وقال القاضي عبد الوهاب المالكي: إن كل موضع ذكر فيه (سبيل الله) فالمراد به الغزو والجهاد، فكذلك هاهنا.

ثانياً: أنَّ المصارف المذكورة في الآية هي في أمس الحاجة إلى الزكاة، وخاصة في عصرنا هذا، حيث نرى دائرة الفقر تتسع في المجتمع، والكثير من الأغنياء لا يؤدون زكاة أموالهم، فإذا صرفت الزكاة إلى غير هذه الأصناف بقي المستحقون من المسلمين في حاجاتهم، وبذلك تنتفي علة التشريع.

ثالثاً: الفتوى بخلاف هذا خروج على قول عامة أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، وهذا لا يجوز.

وبناء على ما تقدم:

1ـ لا يجوز دفع الزكاة لبناء المشافي ولا لتجهيزها، ولا لشراء الأدوات الطبية، ولا لشراء أرض يبنى عليها مشفى، أو مسجد أو مدارس شرعية وغير شرعية.

2ـ من دفع زكاة ماله لمثل هذه المؤسسات الخيرية، أو لبناء المساجد أو المدارس لم تسقط عنه الزكاة، بل يجب عليه أن يعيد إخراجها إلى أصنافها الذين ذكرهم الله تعالى في سورة التوبة آية /60/. ومن دفعها سابقاً بناء على فتوى بعض العلماء نرجو الله تعالى أن تسقط عنه، وإن كان الأولى في حقه إعادتها، حتى تبرأ ذمته بيقين. أما من دفعها بدون سؤال فإنه يجب عليه إعادتها.

3ـ هذه المؤسسات الخيرية لا يجوز لها أن تزاحم الأصناف الثمانية التي خصها الله تعالى بالذكر، والذين هم بأمس الحاجة إليها، ويكفي هذه المؤسسات الخيرية والمساجد والمدارس الشرعية أموالُ الصدقات والأوقاف، والخير في هذه الأمة باق إلى يوم القيامة بإذن الله تعالى.

والواجب على طلاب العلم والعلماء عوضاً عن هذه الفتوى التي تخالف ما عليه جمهور الفقهاء، من جواز دفع الزكوات إلى هذه المؤسسات الخيرية، ومنها المدارس الشرعية، أن يوجهوا الأغنياء إلى الصدقات، وأنها في الأجر لا تقل عن الفرض، بل ورد في الحديث القدسي: (وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) رواه البخاري. فالصدقات سبب عظيم من أسباب محبة الله تعالى لعبده إذا أكثر من النوافل، والتي من جملتها الصدقات، وأنا واثق بأن الخير في هذه الأمة باق، ولكن علينا أن نحرك فيهم الوازع الإيماني، ونقول لهم: إن من دفع 2.5 ٪ للفقراء فليدفع مثلها للجهات الخيرية الثانية، والتي منها المساجد والمدارس الشرعية، لقد أعطاك الله تعالى / 100.000 / مئة ألف ليرة مثلاً، فدفعت منها ألفين وخمسمائة زكاة، فما الذي يضرك لو دفعت مثلها صدقة جارية للمدارس الشرعية والمساجد والمشافي؟ فيكون مجموع ما دفعت لله تعالى خمسة آلاف ليرة سورية، ويبقى لك خمس وتسعون ألف ليرة، وقد وعدك الله بالخلف بعد العطاء وهو لا يُخْلِف الميعاد، وأنت على يقين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أقسم عليهنَّ، وأُحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: ما نَقَصَ مالُ عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) رواه الترمذي.

رابعاً: إذا شيدت المشافي من الصدقات العامة، ومن الأموال الوقفية في سبيل الله غير الزكوات، وكانت وقفاً لفقراء المسلمين فلا يجوز التداوي فيها للميسورين إلا بأجر المثل، وعلى أن يرد هذا المال لصالح الفقراء في هذه المشافي. هذا، والله تعالى أعلم.

خامساً: نرجو أن تُعَمَّم هذه الفتوى على جميع المشافي الخيرية، والمشاريع العامة، ومنها المدارس الشرعية، والمساجد، الذين يستقبلون أموال الزكاة في مشاريعهم. سائلين المولى السداد لنا وللقائمين على هذه المشاريع الخيرية، ولسائر الأمة. آمين آمين آمين.

سؤال: كيف يتم دفع زكاة العقار المباع الذي هو في طَوْرِ الإنشاء، ومع وجود شركاء لي في العقار المباع؟

الجواب: أولاً: يجب عليك أن تعلم بأن هذا البناء، لا يخرج عن ملكيتك حتى يتم بناؤه، ويتسلمه منك المشتري.

ثانياً: الأموال التي تأخذها من قيمة البناء لن تدخل في ملكيتك إلا بعد تسليم البناء للمشتري، بالمواصفات المتفق عليها، بل هي في ملكية صاحبها، ويجب عليه أداء زكاتها إذا بلغت نصاباً.

ثالثاً: إذا عرفت هذا، فإنه يجب عليك أن تُقَوِّم البناء عند رأس الحول، وتؤدي زكاته مع سائر أموالك بعد إسقاط الديون، والتي من جملتها الأموال التي تأخذها من مشتري العقار قبل تسليمك إياه.

ومن المعلوم أنَّ كل شريك يؤدي زكاته عن نفسه بمقدار حصته في الشركة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول، أم لا بد من التعجيل في أدائها؟ وهل تُدفع الزكاة للإخوة والأخوات؟

الجواب: عند جمهور الفقهاء: الزكاة متى وجبت، وجب على المزكي إخراجها على الفور، ولا يجوز تأخيرها، لأنَّ الأمر المطلق يقتضي الفورية، والله تعالى يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [النور: 56]، ولأنه لو جاز التأخير لجاز إلى غير نهاية فتنتفي العقوبة على الترك، ولأنَّ حاجة الفقراء ناجزة، وحقهم في الزكاة ثابت، فيكون تأخيرها منعاً لحقهم في وقته.

وبناء على ذلك:

يجب عليك إخراج ما تبقى عليك من الزكاة وعليك إذا تأخرت بالاستغفار والندم، وعدم العودة إلى ذلك، وإذا أردت أن تُعجِّل في إخراج الزكاة قبل نهاية الحول فلا حرج في ذلك عند جمهور الفقهاء، لما ورد: (أن العباس رضي الله عنه، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك) رواه الترمذي وصححه الحاكم.

أما بالنسبة لدفع الزكاة لأخيك وأختك فيجوز شرعاً، وهم أولى بذلك من غيرهم، وخاصة إذا تساووا مع غيرهم في الحاجة، بشرط تحقق الفقر فيهم. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: أنا طالب جامعي، ولدي مبلغ من المال أستعين به على مصروف الدراسة، فهل تجب الزكاة فيه أم لا؟ مع العلم بأني واضع هذا المال في بعض البنوك خوفاً على نفسي أكثر من خوفي على المال، والبنك يعطيني فوائد ربوية على هذا المال، فماذا أفعل بهذا المال الربوي؟ طبعاً إقامتي في بعض الدول الغربية لا العربية.

الجواب: المال الذي تجب فيه الزكاة يشترط له شروط، من جملتها، بلوغ النصاب، وحولان الحول، فإذا كان المال بلغ نصاباً وهو ما يعادل /85/غ من الذهب الخالص، وحال عليه الحول، وهو سنة كاملة قمرية، فتجب فيه الزكاة، وإلا فلا.

وأما بالنسبة للمال الذي جعلته في البنك إن لم يكن لضرورة فأنت آثم ولو بدون ربا، إما إذا وضعته لضرورة بدون شرط ربوي، أو بشرط ربوي إذا لم يكن إلا به، وحصل مال ربوي من جرَّاء ذلك، وأردت أن تتخلص من هذا المال الربوي، فاصرفه للفقراء، مع كثرة الاستغفار والتوبة والندم على ما فعلت. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في القطن أم لا؟

الجواب: الزكاة تجب في كل ما يقصد بزراعته استنماء الأرض من الثمار والحبوب والخضروات، دون ما لا يقصد به ذلك عادة كالحطب والحشيش، فالمدار على القصد، والحجة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرِيّاً العشر) رواه البخاري. العثري: هو النخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة.

وبناء على هذا:

تجب الزكاة في القطن قليله وكثيره ما لم يكن أقل من نصف صاع. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في مال الدين، ومن الذي يؤدي زكاة هذا المال، الدائن أم المدين؟

الجواب: مال الدين مملوك للدائن وليس للمدين، فالزكاة تجب فيه، وهي على الدائن وليست على المدين، وزكاته تجب على صاحبه كل عام لأنه مال مملوك له، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين، وإن كان الأولى إخراج زكاته قبل القبض. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل ماله من حرام ـ والعياذ بالله تعالى ـ فهل تجب فيه الزكاة؟

الجواب: نسأل الله العافية، إن كان هذا الرجل ماله من غصب أو سرقة، أو رشوة أو ربا، أو نحو ذلك، فهذا المال ليس ملكاً لـه، فلا تجب عليه زكاته، لأن الزكاة تُطَهِّرُ المزكي وتُطَهِّرُ المالَ المزكَّى، لقولـه تعـالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103].

والمال الحرام كله خُبْثٌ لا يطهر، والواجب في المال الحرام رده إلى أصحابه إن أمكن معرفتهم، وإلا وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه، لا على سبيل التصدق به، وهذا متفق عليه بين أصحاب المذاهب. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في الكمون؟

الجواب: الزكاة واجبة فيه، لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141]. ولا يشترط في زكاة الزروع حولان الحول، فمتى تم الحصاد وجب إخراج الزكاة من كامل المحصول، فإذا كان يسقى بماء السماء فيجب فيه العشر، وإلا فنصف العشر.

وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا يشترط نصابٌ لزكاة الزروع والثمار، بل هي واجبة في القليل والكثير، مالم يكن أقل من نصف صاع. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل مرت عليه سنوات لم يؤد فيها زكاة ماله، فهل تجب الزكاة عليه عن السنوات كلها؟ أم يكفيه زكاة العام الأخير الذي تاب فيه إلى الله تعالى؟

الجواب: إذا مرت على المكلف سنوات لم يؤد فيها زكاته، وقد تمت شروط الوجوب، لم تسقط عنه الزكاة بالاتفاق بين الفقهاء، ووجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته فيها. ونرجو الله عز وجل أن يغفر لنا جميعاً، ويتقبل منا بفضله. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل مات وهو تارك الزكاة، فهل يجب على ورثته إخراج الزكاة عنه؟

الجواب: من ترك الزكاة التي وجبت عليه، وهو متمكن من إخراجها حتى مات ولم يوص بإخراجها، أثم بإجماع الأمة.

وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أن من مات وعليه زكاة لم يؤدها، فإنها لا تسقط عنه بالموت، ويجب إخراجها من ماله، سواء أوصى بها أم لم يوص، وتخرج من كل ماله لأنها دين لله عز وجل.

أما عند السادة الحنفية فالزكاة تسقط بالموت، بمعنى أنه لا يجب إخراجها من تركته، إلا إذا أوصى بها، بشرط أن لا تتجاوز الثلث، فإن تجاوزت الثلث فإنه لا يخرج منها إلا بمقدار الثلث.

أما إذا لم يوص بها سقطت بموته، ويكون آثماً مرتكباً كبيرة من الكبائر والعياذ بالله تعالى، فإن أخرجها الورثة فهي صدقة تطوع منهم يرجى قبولها. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل موظف راتبه لا يكفيه وعيالَه، فهل يجوز دفع الزكاة له، حتى يواصل أولاده الدراسة؟

الجواب: طالما أن راتبه لا يكفيه، ولا يكفي من يعول، فهو من الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} [التوبة: 60]. فله الحق في الأخذ من الزكاة بوصف الفقر أو المسكنة، ولا عبرة بمقدار ما يأخذ من راتب إذا كان ذاك الراتب لا يكفيه وإن كثر، فالعبرة هي الحاجة، فحيثما وجدت فله الأخذ من الزكاة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: لي مبلغ من المال على شخص، ثم أعسر الرجل وأفلس، وعندي مال تجب فيه الزكاة، فهل يجوز أن أعطيه من الزكاة حتى يقضي الدين الذي عليه؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيقول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات). رواه البخاري. إن كان دفعك الزكاة لهذا الرجل بقصد أن تحيي حق نفسك، وتشترط عليه أن يسدِّد الدَّين الذي لك عنده، فهذه الزكاة لا تصح.

وأما إذا أعطيته زكاة مالك لفقره لا لإحياء حق نفسك، ولم تشترط عليه أن يرد عليك ما أعطيته فالزكاة صحيحة، لأنه قَدْ ملك المال، وبإمكانه بعد ذلك أن يصرفه في أي حاجة من حاجاته، وله الخيار أن يسدد الدين المترتب عليه لك أو لغيرك. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في البيت المعد للإيجار، دون نية بيعه والتجارة به؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فطالما أن البيت ليس معداً للتجارة فلا تجب الزكاة فيه، بل الزكاة في الأجرة التي تؤخذ إذا بلغت نصاباً، أو إذا أضيفت إلى مال آخر موجود وبلغ نصاباً، وحال عليه الحول.

أما إذا كانت الأجرة تستهلك بكاملها، أو لم تبلغ نصاباً، ولا يوجد مال آخر يبلغ نصاباً فلا زكاة فيها. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في المصاغ الذهبي عند المرأة؟ وما مقدارها؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فإن حليَّ المرأة إذا بلغ نصاباً، أي ما يعادل /85/ غ من الذهب الخالص فإن الزكاة واجبة فيه، وعلى المرأة أن تؤدي زكاة حليها بأكمله إذا كان يعادل هذا الوزن، فتقدر قيمته في يوم الزكاة وتدفع الزكاة بنسبة 2.5 %. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل كتابيّ فقير، بحاجة ماسة للمساعدة، فهل يجوز للمسلم أن يدفع له شيئاً من زكاة ماله رجاء أن يهديه الله تعالى للإسلام، ألا يدخل هذا تحت قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء}... ثم يقول تعالى: {والمؤلفة قلوبهم}؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فزكاة المال لا تدفع لكتابي، بل هي حصراً للمؤمن، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) رواه البخاري ومسلم.

وسهم المؤلفة قلوبهم انقطع وذلك لعزة الإسلام والمسلمين، ويقول فقهاء الحنفية: وقد انعقد الإجماع على ذلك في زمن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، وذلك عندما جاء الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن يطلبان من أبي بكر أرضاً، فكتب لهما بذلك، فمرا على عمر، فرأى الكتاب فمزقه، وقال: هذا شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيكموه ليتألفكم، والآن قد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن ثبتم على الإسلام، وإلا فبيننا وبينكم السيف، فرجعا إلى أبي بكر، فقالا: ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: هو إن شاء، ووافقه. ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك. أخرجه البيهقي.

وبناء على ذلك:

فلا يجوز صرف زكاة المال ولا صدقة الفطر ولا الكفارات ولا النذور لغير المسلمين، وخاصة في هذه الآونة، حيث اشتد الفقر على المسلمين، وضيق على المسلمين، ففقراء المسلمين أولى بزكاة أغنياء المسلمين من غيرهم، وهذا لا يمنع من مساعدة غير المسلم في حاجة من الحوائج الدنيوية إذا كان غير المسلم لا يكيد للإسلام والمسلمين، ولا يعيث في ديار المسلمين فساداً، وإلا حرم كذلك إعطاؤه من الصدقة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: جمعية خيرية تقوم على رعاية وتأهيل الأطفال المعاقين، فهل يجوز دفع زكاة المال لهذه الجمعية الخيرية أم لا؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالزكاة الواجبة تدفع من الأغنياء للفقراء تمليكاً لهم أو لأوليائهم، فإذا لم يتم تمليك المال للفقير أو لوليه لم تبرأ ذمة المزكي.

وبناء على ذلك:

فإذا كان هؤلاء الأطفال هم وأولياء أمورهم فقراء، فيجوز دفع زكاة المال للأوصياء عليهم ـ والممثلون بهذه الجمعية ـ وتقوم الجمعية بصرف هذه الأموال عليهم وفي مصلحتهم، والتي من جملتها تأهيلهم، ولا يجوز دفع الرواتب للموظفين القائمين على تأهيلهم من المال الزكوي الذي جمع لمصلحة المعاقين، إلا إذا تملَّك المعاقون البالغون أو أولياؤهم النسبيون الفقراء المال الزكوي وشاؤوا أن يدفعوا الأجرة للمدرسين، فلا حرج إن شاء الله تعالى.

أما إذا كان الأطفال أغنياء، أو فقراء وأولياء أمورهم أغنياء، فلا يجوز صرف الزكاة إليهم، لغناهم بأنفسهم أو لغناهم بغنى أولياء أمورهم. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: نحن جمعية خيرية تقوم على جمع التبرعات، ومن هذه التبرعات زكاة الفطر، وقد جُمِع معنا مبلغ كبير من المال، ونحن لا نستطيع إيصاله كله إلى المحتاجين، فما العمل؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فطالما أنكم تبرعتم حسبة لوجه الله بجمع التبرعات وزكاة المال وزكاة الفطر، وجب عليكم أن توصلوا زكاة الفطر خاصة لمستحقيها قبل صلاة العيد، حتى يتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو داود.

وإن تعذر عليكم هذا فأرجو الله عز وجل أن يكون لكم عذر في إيصالها لمستحقيها بعد العيد. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل في المال المعد لشراء مسكن زكاة؟ وما معنى قول ابن عابدين نقلاً عن ابن ملك: (فإذا كان معه دراهم أمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية، لا تجب الزكاة فيها إذا حال الحول وهي عنده)؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

أما بعد: فإن المال المعد لشراء مسكن أو زواج إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول، فإن الزكاة واجبة فيه، وأما ما نقل من حاشية ابن عابدين رحمه الله عن ابن مَلَكٍ قوله: (فإذا كان معه دراهم أمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية لا تجب الزكاة فيها إذا حال الحول وهي عنده) فهو نقل صحيح، ولكنّ تتمة العبارة: لكن اعترضه في البحر ـ ابن نجيم ـ بقوله: (ويخالفه ما في المعراج) في فصل زكاة العروض: (أن الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة) وكذا في البدائع. ويقول ابن عابدين: وأقره في النهر والشرنبلالي وشرح المقدسي، وسيصرح به الشارح ـ وقد صرح به الشارح بقوله: وشرطه، أي شرط افتراض أدائها ـ حولان الحول ـ وهو في ملكه ـ وثمنية المال كالدراهم والدنانير ـ لتعينهما للتجارة بأصل الخِلقة، فتلزم الزكاة كيفما أمسكهما ولو للنفقة. اهـ. حاشية ابن عابدين كتاب الزكاة في صفحاته الأولى. وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية مصطلح (زكاة) شروط المال الذي تجب فيه الزكاة ـ الشرط الرابع ـ: ولم يَذْكُر أيٌّ من أصحاب المذاهب هذا الشرط مستقلاً، ولعله لأن الزكاة أوجبها الشرع في أجناس معينة من المال إذا حال الحول على نصاب كامل منها، فإذا وجد ذلك وجبت الزكاة.

وبناء عليه:

1ـ فالزكاة واجبة في المال المحبوس من أجل شراء سكن أو زواج إذا بلغ نصاباً، وحال الحول عليه.

2ـ وهل يضمن صاحب المال الذي بلغ ماله نصاباً وحال الحول عليه أن يبقى على قيد الحياة حتى يشتري مسكناً أو يتزوج؟ فما هو قائل لربه عز وجل يوم القيامة إذا مات ولم يؤد زكاة ماله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقسم بقوله: (ثلاث أقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه. قال: فأما الثلاث الذي أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة قط، ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزاً، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر). رواه الإمام أحمد. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز دفع الزكاة لرجل يملك نصاباً غيرَ موجود عنده بسبب إقراضه لبعض أصدقائه، علماً أنه لا دَخْلَ له؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فطالما أن هذا الشخص يملك نصاباً، فلا يجوز أن تدفع له الزكاة، ولو كان مقرضاً جميع ماله للآخرين، لأنه بوسعه أن يسترد هذا الدين وينفقه على نفسه.

أما إذا كان الدين الذي له عند الآخرين لا يمكن أن يسترده لإعسار المدينين، أو لجحودهم، أو لإفلاسهم، ولا يملك مقدار نصاب، فيجوز عند ذلك أن تدفع له الزكاة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز إعطاء الزكاة لشخص يشرع بالزواج؟ علماً أن ماله لا يكفيه لإتمام الزواج، وهذا المال يزيد على النصاب؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فالسؤال غير واضح، هل الشخص الذي يريد الزواج يملك نصاباً الآن؟ أم أنك تريد أن تعطيه مبلغاً يزيد على النصاب من أجل زواجه؟ فأعطيك الجواب عن الحالتين:

أولاً: إذا كان مريد الزواج يملك نصاباً فلا يجوز أن يأخذ شيئاً من الزكاة، بل عليه أن يدفع زكاة ماله البالغ النصاب إذا حال عليه الحول.

ثانياً: أما إذا كان فقيراً، ولا يملك نصاباً، وأردت أن تدفع له من الزكاة بمقدار نصاب زكوي من أجل زواجه فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

والأولى في الحالتين أن يتم العقد بينه وبين مخطوبته، ويشتري الأغراض الجهازية ويصبح غارماً، ففي هذه الحالة تدفع له الزكاة لكونه غارماً، وإن كان المدفوع له زيادة على النصاب. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: استقرضت من بنك ربوي مليون ليرة سورية، وأنا مالك لنصاب زكوي غير هذا المبلغ، وحال عليه الحول، فكيف أدفع زكاة هذا المال؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإني أنصح هذا الأخ الكريم بتقوى الله عز وجل، وأن يرضى بما قسم الله له، فيكون بذلك أغنى الناس، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) رواه الترمذي.

وأذكره ببعض الآثار الإلهية التي تقول: يا بن آدم عندك ما يكفيك، وتطمع بالذي يطغيك، لا بقليل تقنع، ولا بكثير تشبع.

أذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) رواه البخاري.

أما تعلم يا أخي قول الله عز وجل: {إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى}؟

ألم تعلم يا أخي أن حلال الدنيا حساب، وحرامها عذاب؟ أما كان يكفيك يا أخي ما عندك؟ أما يكفيك يا أخي أن تبقى في دائرة الحلال؟

أما تخاف من الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء)؟ أما تخاف من قوله صلى الله عليه وسلم: (درهم من ربا أعظم عند الله من ست وثلاثين زنية)؟ رواه الطبراني. أما تخاف من قوله تعالى : {فأذنوا بحرب من الله ورسوله}؟

وآخر النصيحة أقول لك: بادر يا أخي بالتوبة والاستغفار قبل الموت، حيث يندم العبد ولا ينفعه الندم.

أما بالنسبة للجواب عن سؤالك:

أولاً: أضف هذا المال الذي استقرضته من البنك إلى مالك، وأدِّ زكاة الجميع في نهاية الحول بعد إسقاط الدين المترتب عليك للبنك من غير الفائدة الربوية، وزكِّ الباقي من مالك، هذا إذا لم يكن عندك أموال ثابتة غير زكوية زائدة عن حاجاتك الأساسية، فإن وجدت الأموال غير الزكوية الزائدة عن حاجاتك الأساسية، فإن الديون تحسم منها، وتؤدى زكاة المال الزكوي كله.

ثانياً: أسرع لتبرئة ذمتك قبل موتك، وتخلص من دين البنك الربوي، وأكثر من التوبة والاستغفار. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل اشترى داراً بقصد السكن، وبعد فترة نواها للتجارة، ولكن لم يتيسر أمر بيعها إلا بعد مضي خمس سنوات، فكيف يؤدي زكاة هذا المال المقبوض ثمناً للدار؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن شروط وجوب الزكاة في العروض التجارية نية التجارة عند الشراء، أو عند تملكه للعرض أنه للتجارة، فلو ملك الإنسان عرضاً من عروض التجارة شراءً أو تملكاً، ولم تكن نيته عند التملّك التجارة، ثم نواه بعد ذلك للتجارة، فالزكاة لا تجب فيه إلا عند بيعه ولو مرت عليه أعوام عدَّة.

وبناء على ذلك:

فإن صاحب هذه الدار التي كانت عنده بغرض السكن ثم نوى بيعها، تجب عليه الزكاة مرة واحدة عند بيعها، وذلك بأن يضم ثمن الدار إلى النصاب السابق إذا كان موجوداً ويزكيه بحوله السابق، ولا يشترط لثمن هذه الدار حول بعد القبض، أما إذا لم يكن عنده نصاب سابق، فإن زكاة ثمن هذه الدار إذا بلغ نصاباً تجب فيه ولمرة واحدة بعد حولان الحول عليه. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: الأرض التي تسقى بماء مجاني ـ يكون على حساب الدولة ـ هل تكون زكاة ثمارها العشر أم نصف العشر؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اتفق الفقهاء على أن الزرع الذي يسقى بغير كُلفة يجب فيه العشر، كالذي يشرب بماء المطر أو بماء الأنهار سَيْحاً، أو بالسواقي دون أن يحتاج إلى رفعه غرفاً أو بآلة، أو كان الزرع يشرب بعروقه بسبب قرب الماء من وجه الأرض.

وأما الزرع الذي يسقى بكُلفة فيجب فيه نصف العشر، سواء سقته النواضح ـ الإبل التي يستقى عليها ـ أو سُقي بالدوالي، أو السواقي، أو الدواليب، أو النواعير، وكذا لو مدَّ من النهر ساقية إلى أرضه فإذا بلغها الماء احتاج إلى رفعه بالغرف أو بآلة، والضابط في ذلك أن يُحتاج في رفع الماء إلى وجه الأرض إلى آلة أو عمل.

وكل ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) رواه البخاري.

وبناء على ذلك:

فيجب العشر إذا كانت الأرض تسقى بالماء بدون كلفة، أو بدون آلة، أو بدون عمل، وإلا فنصف العشر. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة على مستأجر الأرض الزراعية؟ مع العلم بأنه في كثير من المواسم يخسر، وكم يجب فيها من الزكاة؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن زكاة الأرض المستأجرة عند جمهور الفقهاء على المستأجر لأن الغلَّة ملكه، والعبرة في الزكاة بملكية الثمر لا بملكية الأرض، والزكاة واجبة في الزرع، وذلك لقوله تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. وإيجاب الزكاة على مالك الأرض إجحاف ينافي المواساة.

وخالف الإمام أبو حنيفة الجمهور فقال بوجوب الزكاة على المؤجر لا على المستأجر، فيجب عليه العشر من الأجرة.

وبناء على ذلك:

فإن زكاة الأرض المستأجرة للزراعة على المستأجر، وهذا قول جمهور الفقهاء، والأخذ به هو الأحوط في الدين، وذلك لصريح الآية الكريمة {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.

ويجب العشر في زكاة الزروع إذا كان يسقى بماء السماء، أما إذا كان يسقى بمؤنة ففيه نصف العشر، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وما سقي بالنضح نصف العشر) رواه البخاري.

ولا يجوز إسقاط شيء من النفقة، لأن الزكاة تعلقت بعين الخارج، لقوله تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.

وأخيراً أقول لك أخي الكريم: كن على ثقة من قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال عبد من صدقة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ونسأل الله تعالى أن يرفع البلاء والغلاء عنا وعن المسلمين أجمعين. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: أنا مسافر خارج البلد، جمعت مبلغاً من المال اشتريت به بيتاً بالتقسيط لمدة سنة، والآن اكتمل ثمن البيت ثم إنني خارج البلد والبيت صغير ونيتي أن انتظر حتى السنة القادمة لأزيد المبلغ واشتري بيتاً أكبر إن شاء الله، وفي خلال هذه السنة أجرت البيت لمدة سنة وهذا البيت عندما أخذته أخذته للسكن، هل على هذا البيت زكاة؟ وإن كان كيف تحسب؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فطالما أنك اشتريت البيت بداية للسكن وليس للتجارة فإن الزكاة لا تجب فيه إلا عند بيعه، لأن من شروط الزكاة أن تكون النية عند الشراء التجارة، والنية المعتبرة هي ما كانت مقارنة لدخوله في ملكك.

وبناء على ذلك:

فلا تجب الزكاة في هذه الدار، وإنما تجب الزكاة على الغلة التي تجنيها من الإجارة، إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، أو إذا كان عندك نصاب غيرها وهي دون النصاب فإنك تضيفها إلى بعضها وتؤدي الجميع في وقت زكاتك، وإذا لم تبلغ الأجرة نصاباً وكان عندك مال آخر لا يبلغ نصاباً كذلك، ولكن إذا جمعت المال كله بلغ نصاباً وجب عليك أن تخرج زكاة هذا المال بعد حول كامل. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل تجب الزكاة في التبن مع العلم بأن صاحب الأرض يقوم ببيعه علفاً للحيوانات؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فليس في التبن زكاة، لأنه لا يقصد بزراعته نماء الأرض، ولا تستغل به عادة، وإنما هو تبع للحب، ثم إنه ليس مما يُقتات أو يُدَّخَر للأكل، فأشبه الحشيش والحطب.

وأما من اشترى التبن ليتَّجر فيه فقد صار في حقه عَرَضاً من عروض التجارة، فيُزكَّى زكاة العروض التجارية. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل أحصى زكاة القمح عند الحصاد وحدد مقدارها وتركها عنده وأعطى الفقير المستحق منها بالتقسيط لأنه يعلم يقيناً أنه إذا دفعها له مرة واحدة يضيع المال فما هو رأيكم؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإذا عزل الزكاة عن ماله، وحافظ عليها كما يحافظ على ماله، ودفعها إلى مستحقيها أقساطاً وذلك لمصلحته، فإني أرجو الله عز وجل أن لا يكون في ذلك حرج. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما هو حكم صدقة التطوع، ومتى وقتها؟

الجواب: صدقة التطوع مستحبة في جميع الأوقات، وذلك لقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أطعم جائعاً أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله عز وجل يوم القيامة من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمناً عارياً كساه الله من خُضْر الجنة). أي: ثيابها الخضر. رواه أبو داود والترمذي.

وتكون الصدقة حراماً إذا كان يعلم المتصدق أن آخذها يصرفها في معصية، وتكون واجبة إذا وجد المضطرَّ ومعه ما يطعمه فاضلاً عن حاجته.

وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية أو الجهر، بخلاف الزكاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صدقة السر تطفئ غضب الرب). رواه الطبراني. ويستحب الإكثار من الصدقة في أوقات الحاجة، لقوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة} [البلد: 14].

ويسن التصدق عقب كل معصية، وتسن التسمية عند التصدق، لأن الصدقة عبادة لله عز وجل. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل صحيح أن المتصدق إذا دفع الصدقة لفقير لا يجوز أن يطلب منه الدعاء؟

الجواب: قال العلماء: ولا يطمع المتصدِّق في الدعاء من المتصدَّق عليه، لئلا ينقص أجر الصدقة، فإن دعا لـه استحب أن يرد عليه مثلها لتسلم له صدقته. هذا، والله تعالى أعلم.

الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمات في مناسبات

09-04-2024 110 مشاهدة
142ـ كلمات في مناسبات: فجر عيد الفطر 1445 هـ

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: دَخَلْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَكَ، دَخَلْنَا هَذَ المَوْسِمَ العَظِيمَ، حَيْثُ مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، ... المزيد

 09-04-2024
 
 110
28-09-2023 686 مشاهدة
141ـ كلمات في مناسبات: عذرًا يا سيدي يا رسول الله

لقد كُنتَ حَرِيصَاً عَلَينَا أَشَدَّ الحِرْصِ، بِشَهَادَةِ مَولانَا عزَّ وجلَّ القَائِلِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. وبِشَهَادَتِكُم عِندَمَا ... المزيد

 28-09-2023
 
 686
07-03-2023 684 مشاهدة
140ـ كلمات في مناسبات: إجابة الدعاء معلقة بالاستجابة لله تعالى

عِنْدَمَا تَنْزِلُ المِحَنُ، وَتَشْتَدُّ الخُطُوبُ، وَتَتَوَالَى الكُرُوبُ، وَتَعْظُمُ الرَّزَايَا، وَتَتَابَعُ الشَّدَائِدُ، لَنْ يَكُونَ أَمَامَ المُسْلِمِ إِلَّا أَنْ يَلْجَأَ إلى اللهِ تعالى وَيَلُوذَ بِجَانِبِهِ، وَيَضْرَعَ إِلَيْهِ ... المزيد

 07-03-2023
 
 684
28-09-2022 643 مشاهدة
1- المحبة محبتان

مَعَ بِدَايَةِ شَهْر رَبِيعٍ الأَوَّلِ، أُهَنِّئُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِنِعْمَةِ الإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَنْ جَعَلَنَا اللهُ تعالى حَظَّهُ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، ... المزيد

 28-09-2022
 
 643
09-07-2022 541 مشاهدة
138ـ كلمات في مناسبات: درس فجر عيد الأضحى المبارك 1443 هـ شعيرة الأضحية

هَذَا اليَوْمُ هُوَ خِتَامُ الأَيَّامِ العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ... المزيد

 09-07-2022
 
 541
08-07-2022 474 مشاهدة
137ـ كلمات في مناسبات: يوم عرفة يوم الغفران

يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ أَكْمَلَ اللهُ تعالى فِيهِ الدِّينَ، قَالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ الغُفْرَانِ، وَالعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ، ... المزيد

 08-07-2022
 
 474

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412910139
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :