أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7268 - ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾

12-04-2016 2417 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾. ما هو سبب نزول هذه الآية؟ وما معناها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7268
 2016-04-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 فَقَد روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ».

ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْـمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ (هِيَ سَنَوَاتُ الجَدْبِ وَالقَحْطِ) اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ، وَرِعْلَاً، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَـمَّا أُنْزِلَ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾.

فَالآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ قَتْلِ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلَاً مِنْ خِيرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ وَالفِقْهِ، قَتَلَهُم أَهْلُ نَجْدٍ.

فَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو اللهَ تعالى على هَؤُلَاءِ القَتَلَةِ؛ ثمَّ بَيَّنَ اللهُ تعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّهُ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ فِيهِم شَيْءٌ، فَاصْبِرْ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ تعالى عَلَيْهِم، وَذَلِكَ بِهِدَايَتِهِم للإِيمَانِ، أَو يُعَذِّبَهُمُ اللهُ تعالى بِسَبَبِ ظُلْمِهِم؛ فَالأَمْرُ للهِ تعالى مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.

ثمَّ تَرَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ عَلَيْهِم، بَعْدَ نُزُولِ القُرْآنِ في حَقِّهِم، روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ صَبَاحَاً، يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَلِحْيَانَ، وَعُصَيَّةَ، عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ.

قَالَ أَنَسٌ: أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنَاً قَرَأْنَاهُ، حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ.

مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾. أَيْ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الحُكْمِ شَيْءٌ في عِبَادِي، إلا مَا أَمَرْتُكَ بِهِ فِيهِم، وَإِنَّمَا أَمْرُهُم إلى اللهِ تعالى وَحْدَهُ، أَمَّا أَنْتَ فَوَظِيفَتُكَ التَّبْلِيغُ وَالإِرْشَادُ، ثمَّ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾. ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعَاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾.

وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾. مَعْنَى: ﴿يَكْبِتَهُم﴾: أَيْ: يَجْعَلُ الغَيْظَ في قُلُوبِهِم، فَيَنْقَلِبُوا وَقَدِ انْقَطَعَتْ آمَالُهُم.

﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ أَيْ: مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ، فَيَهْدِيهِم للإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ ﴿أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ أَيْ: في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ على كُفْرِهِم وَذُنُوبِهِم ﴿فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ أَيْ: يَسْتَحِقُّونَ العَذَابَ بِسَبَبِ ظُلْمِهِم. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2417 مشاهدة