الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إِنَّ المَالَ الذي تَدْفَعُهُ إلى الجَمْعِيَّةِ السَّكَنِيَّةِ مِنْ أَجْلِ الحُصُولِ عَلَى بَيْتٍ عِنْدَهُمْ لَا زَالَ عَلَى مِلْكِيَّتِكَ، وَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِنْ بَلَغَ النِّصَابَ مَعَ أَمْوَالِكَ الأُخْرَى، سَوَاءٌ كُنْتَ نَاوِيًا أَنْ تَبِيعَ البَيْتَ في المُسْتَقْبَلِ أَوْ تَسْكُنَهُ.
لِأَنَّ العَقْدَ الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الجَمْعِيَّةِ هُوَ عَقْدُ اسْتِصْنَاعٍ، وَفِي عَقْدِ الاسْتِصْنَاعِ صَاحِبُ المَالِ يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ سَوَاءٌ دَفَعَ المَالَ لِلْجَمْعِيَّةِ أَمْ لَمْ يَدْفَعْهُ، إِلَى أَنْ يَتَسَلَّمَ البَيْتَ، فَإِذَا تَسَلَّمْتَهُ سَقَطَتْ عَنْكَ الزَّكَاةُ مِنْ تَارِيخِ تَسَلُّمِهِ، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ المَالُ عَنْ مِلْكِيَّتِكَ وَيَدْخُلُ في مِلْكِ الجَمْعِيَّةِ، وَمَا دُمْتَ لَمْ تَتَسَلَّمِ البَيْتَ فَالمَالُ مَالُكَ وَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَيَدُ الجَمْعِيَّةِ عَلَى هَذَا المَالِ يَدُ أَمَانَةٍ.
وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الجَمْعِيَّةِ في الأَرْضِ وَالبِنَاءِ الذي يُشَيَّدُ عَلَيْهَا بِإِجْمَاعِ الفُقَهَاءِ، لِأَنَّهَا تَدْخُلُ في العُرُوضِ التِّجَارِيَّةِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهَا أَنْ يُقَوِّمَهَا مَعَ مَا تَمَّ عَلَيْهَا مِنْ بِنَاءٍ في نِهَايَةِ كُلِّ حَوْلٍ، ثُمَّ يَدْفَعَ الزَّكَاةَ عَنْ قِيمَةِ الأَرْضِ وَالبِنَاءِ الذي شَيَّدَهُ عَلَيْهَا، حَتَّى يَتِمَّ البِنَاءُ، فَإِذَا تَمَّ البِنَاءُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِيَّتِهِ وَدَخَلَ في مِلْكِيَّةِ المُشْتَرِي.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
1ـ المُشْتَرِي تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ في مَالِهِ الذي عِنْدَهُ إِذَا بَلَغَ النِّصَابَ مَعَ أَمْوَالِهِ الأُخْرَى وَحَالَ عَلَيْهِ الحَوْلُ، سَوَاءٌ دَفَعَهُ لِلْجَمْعِيَّةِ أَمْ لَمْ يَدْفَعْهُ.
2ـ وَأَصْحَابُ الأَرْضِ وَالبِنَاءِ تَجِبُ الزَّكَاةُ في أَرْضِهِمْ وَالبِنَاءِ الذي يُشَيِّدُونَهُ حَتَّى يَتِمَّ تَسْلِيمُ البُيُوتِ لِلْمُشْتَرِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |