﴿لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ﴾

8452 - ﴿لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ﴾

04-11-2017 1560 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعَاً عَلِيمَاً﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8452
 2017-11-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى في سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعَاً عَلِيمَاً﴾. يَعْنِي أَنَّ اللهَ تعالى لَا يُحِبُّ الجَهْرَ بِالسُّوءِ، وَلَا غَيْرَ الجَهْرِ بِهِ أَيْضَاً، مِنَ القَوْلِ القَبِيحِ، مِنْ سَبٍّ، أَو شَتْمٍ، أَو لَعْنٍ، أَو قَذْفٍ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ، إِلَّا مَن كَانَ مَظْلُومَاً فَلَهُ أَنْ يُقَابِلَ السَّيِّئَةِ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ، مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ» مَعْنَاهُ أَنَّ إِثْمَ السِّبَابِ الوَاقِعِ مِنِ اثْنَيْنِ مُخْتَصٌّ بِالبَادِئِ مِنْهُمَا كُلَّهُ، إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الثَّانِي قَدْرَ الانْتِصَارِ فَيَقُولَ للبَادِئِ أَكْثَرَ مِمَّا قَالَ لَهُ.

هَذَا مِنْ بَابِ العَدْلِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾. وَلَكِنْ كَظْمُ الغَيْظِ وَالعَفْوُ وَالإِحْسَانُ لِمَن أَسَاءَ أَوْلَى، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾.

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تعالى لَا يُحِبُّ الجَهْرَ بِالسُّوءِ وَلَا غَيْرَ الجَهْرِ بِهِ، وَيَمْقُتُ ذَلِكَ وَيُعَاقِبُ عَلَيْهِ، وَيَشْمَلُ جَمِيعَ الأَقْوَالِ السَّيِّئَةِ التي تَسُوءُ وَتُحْزِنُ، كَالشَّتْمِ، وَالقَذْفِ، وَالسَّبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَكُلُّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيُبْغِضُهُ اللهُ تعالى، وَلَكِنْ يُحِبُّ الحُسْنَ مِنَ القَوْلِ، وَالكَلَامَ الطَّيِّبَ اللَّيِّنَ.

إِلَّا مَن ظُلِمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَابِلَ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، بِدُونِ زِيَادَةٍ عَلَى مَظْلَمَتِهِ، وَلَا يَتَعَدَّى بِالقَوْلِ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَلَكِنَّ العَفْوَ أَوْلَى ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.

روى الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، غَضِبْتَ وَقُمْتَ.

قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ».

ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ: مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ، يُرِيدُ بِهَا صِلَةً، إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ، يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً، إِلَّا زَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1560 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 307
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1468
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 664
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1731
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1456
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 984
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414946420
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :