112ـ كلمة شهر جمادى الآخرة 1437: القلوب الطيبة لا يخرج منها إلا طيب

112ـ كلمة شهر جمادى الآخرة 1437: القلوب الطيبة لا يخرج منها إلا طيب

.

112ـ كلمة شهر جمادى الآخرة 1437: القلوب الطيبة لا يخرج منها إلا طيب

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: نَحْنُ اليَوْمَ بأَمَسِّ الحَاجَةِ أَنْ نُفَتِّشَ عَن قُلُوبِنَا، وَأَنْ نَتَفَقَّدَهَا، لِأَنَّ مَوْضُوعَ القَلْبِ جَلِيلٌ وَخَطِيرٌ، فَهُوَ كَثِيرُ التَّقَلُّبِ، ولا يَثْبُتُ على حَالٍ، لِذَا كَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ إلى اللهِ تعالى أَنْ يُثَبِّتَ قَلْبَهُ على دِينِهِ، فَيَقُولُ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وروى الإمام أحمد عَن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَ إِنَّ الْقُلُوبَ لَتَتَقَلَّبُ؟

قَالَ: «نَعَمْ، مَا مِنْ خَلْقِ اللهِ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ بَشَرٍ إِلَّا أَنَّ قَلْبَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ، فَإِنْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ اللهُ أَزَاغَهُ؛ فَنَسْأَلُ اللهَ رَبَّنَا أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً، إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ».

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أَدْعُو بِهَا لِنَفْسِي.

قَالَ: «بَلَى، قُولِي: اللَّهُمَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنَا».

وروى الإمام مسلم عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ».

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ».

قُلُوبُ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: نَحْنُ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ اليَوْمَ إلى التَّعَرُّفِ إلى قُلُوبِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُلْحِقَنَا بِهِم، وَأَنْ يُكْرِمَنَا بالتَّشَبُّهِ بِهِم، وَإِنْ كَانَ من الوَاجِبِ أَلَّا يَتَحَدَّثَ عَن قُلُوبِ الصَّالِحِينَ إلا مَن اتَّصَفَ بِصِفَاتِهِم؛ وَرَحِمَ اللهُ تعالى أَبَا عُثْمَانَ الحِيرِيَّ الزَّاهِدَ حَيْثُ قَالَ:

وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى   ***   طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهُوَ مَرِيضُ

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ:

يَــظُنُّ النَّاسُ بِي خَــيْرَاً وَإِنِّي   ***   لَــشَــرُّ الخَلْقِ إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي

إِلَـهِــي لا تُـعَـذِّبْـنِـي فَـإِنِّي   ***   مُـقِرٌّ بـالذي قَــد كَــانَ مِـنِّـي

فَـمَا لِيَ حِـيلَــةٌ إلا رَجَـائِـي    ***   لِعَفْوِكَ إِنْ عَفَوْتَ وَحُسْنَ ظَنِّي

وَكَـمْ مِنْ زَلَّةٍٍ لِي في الخَـطَايَـا   ***   وَأَنْــتَ عَـلَيَّ ذُو فَـضْـلٍ وَمَـنِّ

إِذَا فَـكَّرْتُ في نَدَمِي عَـلَيْهَا    ***   عَـضَـضْتُ أَنَامِلِي وَقَرَعْتُ سِنِّي

أَجُنُّ بِـزَهْـرَةِ الدُّنْـيَا جُـنُونَاً   ***   وَأَقْـطَـعُ طُـولَ عُـمُرِي بِالتَّمَنِّي

وَلَو أَنِّي صَدَقْتُ الزُّهْدَ عَنْهَا   ***   قَـلَـبْـتُ لِأَهْـلِـهَـا ظَـهْـرَ المِجَنِّ

يَـظُنُّ الـنَّاسُ بِي خَـيْـرَاً وَإِنِّي  ***   لَــشَرُّ الخَـلْــقِ إِنْ لَمْ تَـعْفُ عَنِّي

 

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَهَمُ صِفَةٍ من صِفَاتِ قُلُوبِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَنَّ قُلُوبَهُم رَحِيمَةٌ، لا تَعْرِفُ الغِلْظَةَ ولا القَسْوَةَ، ولا تَعْرِفُ حُبَّ الانْتِقَامِ، قُلُوبُهُمُ امْتَلَأَتْ بالحُبِّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، لِأَنَّ اللهَ تعالى قَالَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُتَوَكِّلِينَ﴾.

وَلِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رواه الشيخان عَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: كيْفَ تَكُونُ قُلُوبُهُم قَاسِيَةً فَظَّةً غَلِيظَةً، وَهُم شَاهَدُوا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُعَامِلُ النَّاسَ بالرِّفْقِ واللِّينِ والرَّحْمَةِ؟

روى الإمام مسلم عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْـمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي الْـمَسْجِدِ.

فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مَهْ مَهْ (كَلِمَةُ زَجْرٍ، أَيْ: اكْفُفْ).

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزْرِمُوهُ (لا تَقْطَعُوا بَوْلَهُ) دَعُوهُ».

فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ؛ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَذِهِ الْـمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ـ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ».

قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلَاً مِن الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَنَّهُ عَلَيْهِ (صَبَّهُ).

وفي رِوَايَةٍ للإمام البخاري قَالَ الأَعْرَابِيُّ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدَاً، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدَاً.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعَاً» (يُرِيدُ رَحْمَةَ اللهِ).

لَقَد تَخَلَّقُوا بِأَخْلاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَازَمُوا تِلْكَ الفَضائِلَ الزَّاكِيَةَ، والأَخْلاقَ السَّامِيَةَ العَالِيَةَ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: قُلُوبُ الصَّالِحِينَ قُلُوبٌ كَبِيرَةٌ، لا تَعْرِفُ الغِلَّ ولا الحِقْدَ ولا الحَسَدَ، روى الإمام البخاري عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ (مُرَاجَعَةٌ في الكَلامِ) فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبَاً، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ.

فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَنَحْنُ عِنْدَهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ (سَبَقَ بِالْخَيْرِ)».

قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرَ.

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: واللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعَاً؛ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ؛ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ».

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى تَفَقُّدِ قُلُوبِنَا، هَلْ هِيَ على قَلبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقُلُوبِ الصَّالِحِينَ، أَمْ تَسَلَّطَ عَلَيْهَا ـ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ الشَّيْطَانُ؟

لَقَد كَانَ قَلْبُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقُلُوبُ الصَّالِحِينَ، قلُوبَاً تَقِيَّةً نَقِيَّةً، فَمَلَكُوا قُلُوبَ الآخَرِينَ، وَجَذَبُوهُم إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، بِأَخْلاقِهِمُ المَرْضِيَّةِ، وَبِقُلُوبِهِمُ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ.

أَمَّا اليَوْمَ؛ فَهُنَاكَ بَعْضُ القُلُوبِ، نُزِعَتْ مِنْهَا الرَّحْمَةُ والرِّفْقُ واللِينُ، فَصَارُوا مُنَفِّرِينَ عَن دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَانْطَبَقَ عَلَيْهِم قَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَتَّقِ اللهَ تعالى في النَّاسِ، ولا نَكُنْ حَجَرَةَ عَثَرَةٍ في قَبُولِ الخَيْرِ والحَقِّ والصَّوَابِ؛ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ النَّاسَ باللُّطْفِ واللِّينِ، وَأَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ نُخَاطِبُ النَّاسَ، وَكَيْفَ نَقْرَعُ قُلُوبَهُم.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: قلُوبُ الصَّالحِينَ قُلُوبٌ طَيِّبَةٌ، لا يَخْرُجُ مِنْهَا إلا طَيِّبٌ، واللِّسَانُ دَلِيلٌ على مَا في القَلْبِ ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾. فَالقَلْبُ الطَّيِّبُ لا يُنْبِتُ إلا طَيِّبَاً، ولا يَأْتِي إلا بالطَّيِّبِ.

اللَّهُمَّ نَسْأَلُكَ قُلُوبَاً سَلِيمَةً تَقِيَّةً نَقِيَّةً لا إِثْمَ فِيهَا ولا بَغْيَ ولا حِقْدَ، وَثَبِّتْنَا على ذَلِكَ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ. آمين. 

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 1/ جمادى الآخرة /1437هـ، الموافق: 10/آذار / 2016م

 2016-03-15
 2531
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

09-05-2024 107 مشاهدة
213ـ أقبلوا على الملك العليم العلام

إِنَّ حَيَاةَ الإِنْسَانِ مَحْدُودَةُ الآجَالِ، وَأَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهُ تَمْضِي سَرِيعَةً إلى الزَّوَالِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا ... المزيد

 09-05-2024
 
 107
09-04-2024 199 مشاهدة
212ـ كيف تستقبل العيد أنت؟

هَا هُوَ يَوْمُ العِيدِ قَدْ جَاءَ بَعْدَ طَاعَةٍ عَظِيمَةٍ، بَعْدَ رُكْنٍ عَظِيمٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، كَيْفَ لَا يَأْتِي يَوْمُ عِيدٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ شَهْرٍ عَظِيمٍ مُبَارَكٍ أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ، الذي هُوَ سِرُّ سَعَادَتِنَا؟ ... المزيد

 09-04-2024
 
 199
13-03-2024 299 مشاهدة
211ـ القرآن أنيسنا

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ... المزيد

 13-03-2024
 
 299
09-02-2024 541 مشاهدة
210ـ انظر عملك في شهر شعبان

أَخْرَجَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ ... المزيد

 09-02-2024
 
 541
13-01-2024 367 مشاهدة
209ـ اغتنام ليل الشتاء

الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ، وَفُرْصَةُ تَزَوُّدٍ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.  الأَيَّامُ تَتَعَاقَبُ وَتَتَوَالَى، وَهَا نَحْنُ في الشِّتَاءِ، فَلْنَسْمَعْ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد

 13-01-2024
 
 367
14-12-2023 491 مشاهدة
208ـ ماذا جرى لهذه الأمة؟

مَاذَا جَرَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ هَلْ تَفْقِدُ ذَاكِرَتَهَا وَتَجْلِسُ مَعَ عَدُوِّهَا تَبْحَثُ عَنْ سَلَامٍ وَعُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ؟ يَذْبَحُهَا عَدُوُّهَا بِالأَمْسِ، فَتَمُدُّ لَهُ ذِرَاعَ المُصَافَحَةِ اليَوْمَ. يَصْفَعُهَا بِالأَمْسِ، ... المزيد

 14-12-2023
 
 491

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414945896
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :