151ـ الابتهاج والاحتفال بيوم مولده   

151ـ الابتهاج والاحتفال بيوم مولده   

151ـ الابتهاج والاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: تَارِيخُ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في عَامِ الفِيلِ بَعْدَ الوَاقِعَةِ بِخَمْسِينَ يَوْمَاً ثَانِي عَشَرَ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ، عِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاثْنَيْنِ، كَمَا جَاءَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ في حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَفِيهِ: وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟

فَقَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ ـ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ ـ» الحَدِيثَ.

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، وَاسْتُنْبِئَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، وَخَرَجَ مُهَاجِرَاً مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، وَقَدِمَ المَدِينَةَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، وَرَفَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَوَضَعَهُ في مَوْضِعِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ. اهـ. وَذَلِكَ حِينَ بَنَتْ قُرَيْشٌ الكَعْبَةَ، وَاخْتَصَمُوا فِيمَنْ يَرْفَعُ الحَجَرَ الأَسْوَدَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

الابْتِهَاجُ وَالاحْتِفَالُ بِيَوْمِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

إِنَّ حَقَّاً عَلَى العَاقِلِ أَنْ يَفْرَحَ بِيَوْمِ مِيلَادِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يُسَرَّ وَيَبْتَهِجَ بِذَلِكَ اليَوْمِ الذي تَدَفَّقَ فِيهِ النُّورُ وَالهُدَى وَالعِلْمُ إلى هَذَا العَالَمِ أَجْمَعَ، لِأَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ رَسُولُ الرَّحْمَةِ للعَالمَيِنَ، وَنَبِيُّ الهُدَى وَالنُّورِ للخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَإِمَامُ الأَنْيِبَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَأَعْظِمْ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَأَكْرِمٍ، وَأَسْعِدْ بِهِ وَأَنْعِمْ.

وَإِنَّ الاجْتِمَاعَ عَلَى قِرَاءَةِ قِصَّةِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ اجْتِمَاعٌ عَلَى مَجْمُوعَةِ رَحَمَاتٍ وَبَرَكَاتٍ، وَخَيْرَاتٍ وَمَبَرَّاتٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قِصَّةَ المَوْلِدِ الشَّرِيفِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى: تِلَاوَةِ آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، ثُمَّ ذِكْرِ إِكْرَامِ اللهِ تعالى وَعِنَايَتِهِ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ تَوَلَّاهُ اللهُ وَحَفِظَهُ، كَمَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ مَحَاسِنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الخَلْقِيَّةِ وَالخُلُقِيَّةِ، كَمَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالتَّسْلِيمَاتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا وَأَنَّهَا تَشْمَلُ عَلَى القَصَائِدِ وَالمَدَائِحِ النَّبَوِيَّةِ المُحَبَّبَةِ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا وَأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى الدَّعَوَاتِ وَالابْتِهَالَاتِ إلى اللهِ تعالى ...

وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ المُشْتَمَلَاتِ، هِيَ مَشْرُوعَةٌ مَطْلُوبَةٌ، وَقُرْبَةٌ مَحْبُوبَةٌ، حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا وَرَغَّبَ في أَجْرِهَا وَفَضْلِهَا، وَعَلَى هَذَا جَرَى العُلَمَاءُ العَامِلُونَ، وَالأَتْقِيَاءُ الصَّالِحُونَ.

كَمَا قَالَ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: وَلَا زَالَ أَهْلُ الإِسْلَامِ في سَائِرِ الأَقْطَارِ، وَالمُدُنِ الكِبَارِ، يَحْتَفِلُونَ في شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَمَلِ الوَلَاِئِمِ البَدِيعَةِ المُشْتَمِلَةِ عَلَى الأُمُورِ البَهْجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَيَتَصَدَّقُونَ في لَيَالِيهِ بِأَنْوَاعِ الصَّدَقَاتِ، وَيُظْهِرُونَ السُّرُورَ، وَيَزِيدُونَ في المَبَرَّاتِ، وَيَعْتَنُونَ بِقِرَاءَةِ مَوْلِدِهِ الكَرِيمِ، وَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ برَكَاتِهِ كُلُّ فَضْلٍ عَمِيمٍ. اهـ مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الشَّامِيِّ. وَقَدْ تُوُفِّي سَنَةَ 942 هـ.

وَقَالَ أَيْضَاً ـ أَيْ: الشَّامِيُّ صَاحِبُ السِّيرَةِ ـ: وَقَالَ الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو الخَيْرِ بْنُ الجَزْرِيِّ شَيْخُ القُرَّاءِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مِنْ خَوَاصِّهِ (أَيْ: مِنْ خَوَاصِّ العِنَايَةِ بِقِرَاءَةِ مَوْلِدِهِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالاحْتِفَالِ وَالابْتِهَاجِ بِشَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ). أَنَّهُ أَمَانٌ في ذَلِكَ العَامِ، وَبُشْرَى عَاجِلَةٌ بِنَيْلِ البُغْيَةِ وَالمَرَامِ.

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في تَارِيخِهِ: كَانَ المَلِكُ المُظَفَّرُ أَبُو سَعِيدٍ يَعْمَلُ المَوْلِدَ الشَّرِيفَ في رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَيَحْتَفِلُ بِهِ احْتِفَالَاً هَائِلَاً، وَكَانَ شَهْمَاً شُجَاعَاً، بَطَلَاً عَاقِلَاً عَادِلَاً رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ أَبُو الخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى كِتَابَاً لَهُ في المَوْلِدِ سَمَّاهُ: التَّنْوِيرُ في مَوْلِدِ البَشِيرِ النَّذِيرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ. انْظُرِ السِّيرَةَ للشَّامِيِّ، وَانْظُرِ المَوَاهِبَ وَشَرْحَهَا.

وَحَكَى سِبْطُ ابْنُ الجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في مِرْآةِ الزَّمَانِ، عَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَ سِمَاطَ المُظَفَّرِ فِي بَعْضِ المَوَالِدِ، بَعْدَمَا عَدَّدَ أَصْنَافَاً مِنَ اللُّحُومِ وَأَنْوَاعِ الحَلْوَى عَلَى شَكْلٍ وَاسِعٍ جِدَّاً؛ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَكَانَ يَصْرِفُ عَلَى المَوْلِدِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. اهـ.

وَنَقَلَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الشَّامِيُّ في سِيرَتِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي مُحَمَّدِ النُّعْمَانِ يِقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا مُوسَى الزَّرْهُونِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في النَّوْمِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا يُقَالُ في عَمَلِ الوَلَائِمِ في المَوْلِدِ.

فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فَرِحَ بِنَا فَرِحْنَا بِهِ. اهـ.

وَقَالَ شَيْخُ القُرَّاءِ الحَافِظُ أَبُو الخَيْرِ ابْنُ الجَزَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى:

قَدْ رُئِيَ أَبُو لَهَبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ في النَّوْمِ فَقِيلَ لَهُ: مَا حَالُكُ؟

فَقَالَ: في النَّارِ إِلَّا أَنَّهُ يُخَفَّفُ عَنِّي كُلَّ لَيْلَةٍ اثْنَيْنٍ، وَأَمُصُّ مِنْ بَيْنِ أُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ، مَاءَ بِقَدْرِ هَذَا ـ وَأَشَارَ لِرَأْسَيْ أُصْبُعَيْهِ ـ وَإِنَّ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِي لِثُوَيْبَةَ، عِنْدَمَا بَشَّرَتْنِي بِوِلَادَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِإِرْضَاعِهَا لَهُ.

فَإِذَا كَانَ أَبُو لَهَبٍ الكَافِرُ الذي نَزَلَ القُرْآنُ بِذَمِّهِ، جُوزِيَ في النَّارِ (أَيْ: جَازَاهُ اللهُ تعالى فَخُفِّفَ عَنْهُ العَذَابُ، وَهُوَ في النَّارِ، لِفَرَحِهِ بِمَوْلِدِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).

لِفَرَحِهِ لَيْلَةَ مَوْلِدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِهِ ـ أَيْ: بِالمَوْلِدِ ـ فَمَا حَالُ المُسْلِمِ المُوَحِّدِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِبِشْرِهِ بِمَوْلِدِهِ، وَبَذْلِ مَا تَصِلُ إِلَيْهِ قُدْرَتُهُ في مَحَبَّتِهِ؟ لَعَمْرِي إِنَّمَا يَكُونُ جَزَاؤُهُ مِنَ اللهِ الكَرِيمِ، أَنْ يُدْخِلَهُ بِفَضْلِهِ جَنَّةَ النَّعِيمِ. اهـ. انْظُرْ السِّيرَةَ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الشَّامِيِّ؛ وَانْظُرْ شَرْحَ الزَّرْقَانِيِّ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَقِصَّةُ أَبِي لَهَبٍ وَإِعْتَاقُهُ ثُوَيْبَةَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: رَوَاهَا البُخَارِيُّ وَالإِسْمَاعِيلِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ.

فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: وَثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ: كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ (وَهُوَ العَبَّاسُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الرِّوَايَاتُ) بِشَرِّ حِيبَةٍ (قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: حِيبَةٌ: بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ، وَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ـ أَيْ: سُوءُ الحَالِ، وَأَصْلُهَا: حُوبَةٌ. قَالَ: وَذَكَرَ البَغَوِيُّ أَنَّهَا بِفَتْحِ الحَاءِ، وَللمُسْتَمْلِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ، أَيْ: في حَالَةٍ خَائِبَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الجُوْزِيُّ: إِنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَرُوِيَ بِالجِيمِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ بِاتِّفَاقٍ. اهـ).

قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟

قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ ـ وَفِي رِوَايَةِ الإِسْمَاعِيلِيِّ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً ـ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَاحَةً ـ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ في هَذِهِ ـ وَأَشَارَ إلى النُقْرَةِ التي تَحْتَ إِبْهَامِهِ، كَمَا هُوَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ـ وَأَشَارَ إلى النُقْرَةِ التي بَيْنَ الإِبْهَامِ والتي تَلِيهَا مِنَ الأَصَابِعِ في رِوَايَةِ الإِسْمَاعِيلِيِّ ـ بِعِتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ ـ (انْظُرْ جَمِيعَ ذَلِكَ في صَحِيحِ البُخَارِيِّ وَشَرْحِهِ لِابْنِ حَجَرٍ) أَيْ: سُقِيتُ ذَلِكَ بِسَبَبِ إِعْتَاقِي ثُوَيْبَةَ.

وَقَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ العَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي بَعْدَ حَوْلٍ، فِي شَرِّ حَالٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: مَا لَقِيتُ بَعْدكُمْ رَاحَةً، إِلَّا أَنَّ الْعَذَابَ يُخَفَّفُ عَنِّي كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ.

قَالَ ـ أَيْ: العَبَّاسُ ـ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ بَشَّرَتْ أَبَا لَهَبٍ بِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَعْتَقَهَا. اهـ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 11/ ربيع الأول /1441هـ، الموافق: 8/ تشرين الثاني / 2019م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2724 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2724
12-03-2021 1535 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1535
19-02-2021 1028 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 1028
20-11-2020 4266 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4266
13-11-2020 1983 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1983
06-11-2020 1014 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 1014

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414949499
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :