839ـ خطبة الجمعة: لا تجعلوا أولادكم في مهلكة

839ـ خطبة الجمعة: لا تجعلوا أولادكم في مهلكة

839ـ خطبة الجمعة: لا تجعلوا أولادكم في مهلكة

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: دِينُنَا الحَنِيفُ كَانَ حَرِيصًا أَشَدَّ الحِرْصِ عَلَى بِنَاءِ الأَبْنَاءِ البِنَاءَ السَّلِيمَ الذي يُقَوِّمُ سُلُوكَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ، وَيُنَشِّئُهُمُ النَّشْأَةَ الصَّالِحَةَ التي تَعْتَمِدُ عَلَى التَّرْبِيَةِ وَالتَّوْجِيهِ، وَغَرْسِ الإِيمَانِ في القُلُوبِ، وَإِقَامَةِ الدَّعَائِمِ الأَخْلَاقِيَّةِ، وَالقِيَمِ الاجْتِمَاعِيَّةِ في قُلُوبِ الأَبْنَاءِ.

يَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَلَّفَ اللهُ تعالى الأَبَوَيْنِ بِتَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ، وَخَصَّ الأَبَ بِعَظِيمِ المَسْؤُولِيَّةِ في هَذَا، وَجَعَلَ القِوَامَةَ بِيَدِهِ لِيُحْسِنَ التَّصَرُّفَ وَالتَّرْبِيَةَ لِأَبْنَائِهِ تَرْبِيَةً تُقَرِّبُهُمْ إلى اللهِ تعالى زُلْفَى، وَأَنْ يَحْرِصَ في ذَلِكَ عَلَى إِقَامَةِ العَدْلِ بَيْنَ الأَبْنَاءِ، لِأَنَّ إِقَامَةَ العَدْلِ بَيْنَهُمْ تُعِينُهُمْ عَلَى البِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالمَحَبَّةِ وَالتَّوَادِّ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

أَمَّا مَنِ انْدَفَعَ مَعَ هَوَاهُ، وَاتَّبَعَ عَاطِفَتَهُ فَمَالَ إلى تَفْضِيلِ بَعْضِ الأَبْنَاءِ عَلَى بَعْضٍ، بِتَفْضِيلِ الذُّكُورِ عَلَى الإِنَاثِ، أَو الصِّغَارِ عَلَى الكِبَارِ، فَقَدْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ في الظُّلْمِ، وَسَاقَ بِهَا إلى الهَلَكَةِ، وَسَاهَمَ في تَصَدُّعِ بِنَاءِ الأُسْرَةِ، وَتَفَكُّكِ أَعْضَائِهَا، وَإِيجَادِ العَدَاوَاتِ وَالبَغْضَاءِ بَيْنَ الأَبْنَاءِ، فَأَدَّى ذَلِكَ إلى عُقُوقِهِ في الحَيَاةِ وَبَعْدَ المَمَاتِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إلى ظُهُورِ العُدْوَانِ وَكَثْرَةِ الخِصَامِ وَالشِّقَاقِ بَيْنَ الإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ.

يَا عِبَادَ اللهِ: بِنَاءُ الأَبْنَاءِ بِهَذَا الشَّكْلِ بِنَاءٌ فَاشِلٌ يُؤَدِّي إلى تَمْزِيقِ الأُسْرَةِ، التي تُؤَدِّي إلى تَمْزِيقِ المُجْتَمَعِ، وَيُؤَدِّي إلى تَلَاعُبِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ بَيْنَ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ.

إِنَّ مِثْلَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَجْعَلُ الأُسْرَةَ في صِرَاعٍ دَائِمٍ، لِمَاذَا هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ التي تَصْدُرُ مِنَ الأَبَوَيْنِ أَو مِنْ أَحَدِهِمَا؟ لِمَاذَا يَتِمُّ اسْتِبْدَالُ العَدْلِ بِالظُّلْمِ الذي نَهَى عَنْهُ الشَّرْعُ؟

لَقَدْ أَعْطَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَالوَاجِبُ عَلَى الآبَاءِ تَحْقِيقُ أَمرِ الله تعالى، وَتَرْكُ الظُّلْمِ الذي يَقَعُ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَالإِنْسَانُ لَا يَدْرِي أَيْنَ الخَيْرُ، أَفِي الذُّكُورِ أَمْ في الإِنَاثِ؟ يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا﴾. فَبنَاءُ الأَبْنَاءِ البِنَاءَ السَّلِيمَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالعَدْلِ بَيْنَهُمْ.

لَا تَجْعَلُوا أَوْلَادَكُمْ في مَهْلَكَةٍ:

يَا عِبَادَ اللهِ: لَا تَجْعَلُوا أَوْلَادَكُمْ في مَهْلَكَةٍ بِسَبَبِ عَدَمِ العَدْلِ بَيْنَهُمْ، لَا تَكُونُوا سَبَبًا في زَرْعِ الحِقْدِ في قُلُوبِهِمْ، لَا تَكُونُوا سَبَبًا في أَنْ تَكُونَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبًا سَوْدَاءَ لَا تَعْرِف للعَفْوِ طَرِيقًا، وَلَا للصَّفْحِ سَبِيلًا، لَا تَجْعَلُوهُمْ يَنْدَرِجُونَ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾.

لَا تَجْعَلُوا أَوْلَادَكُمْ يَنْدَرِجُونَ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾.

﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾:

يَا عِبَادَ اللهِ: نَحْنُ عَبِيدٌ للهِ تعالى، وَمَا نَمْلِكُهُ مُلْكٌ للهِ تعالى، وَالكُلُّ سَوْفَ يُسْأَلُ عَنْ أَفْعَالِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَإِذَا أَبَاحَ اللهُ تعالى للعَبْدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ في مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ في الأُمُورِ المُبَاحَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ في تَـصَرُّفِهِ وفي آثَارِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، فَإِذَا كَانَ يُؤَدِّي التَّصَرُّفُ المُبَاحُ إلى مَحْظُورٍ شَرْعِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ؛ للقَاعِدَةِ التي تَقُولُ: دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ.

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ الذي يُؤَدِّي إلى مَحْظُورٍ شَرْعِيٍّ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ؟ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ، وَإِلَّا وَقَعَ العَبْدُ في الإِثْمِ.

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ، سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ المَوْهِبَةِ (مِنَ الهِبَةِ) مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً (أَيْ: مَطَلَهَا) ثُمَّ بَدَا لَهُ.

فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي.

فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟».

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ: «أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟».

قَالَ: لَا.

قَالَ: «فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ».

وفي رِوَايَةِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ: «لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ».

وفي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ: «إِنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ».

وفي رِوَايَةٍ للإِمَامِ مُسْلِمٍ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي». ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟».

قَالَ: بَلَى.

قَالَ: «فَلَا إِذًا».

وفي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: «أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ سَوَاءً».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي».

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ».

يَا عِبَادَ اللهِ: أَوْلَادُنَا لَنَا حَقٌّ عَلَيْهِمْ في البِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَلَهُمْ عَلَيْنَا حَقُّ العَدْلِ، لِأَنَّهُ بِالعَدْلِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، إِذَا كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُنَا بِالعَدْلِ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾. فَأَحَقُّ النَّاسِ بِالعَدْلِ أَبْنَاؤُنَا، وَلْنَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

فَمَنِ ابْتَغَى بِرَّ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ، وَأَنْ يُحِبُّوهُ في حَيَاتِهِ، وَيَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَنْ تَصْفُوَ قُلُوبُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَلْيَتَّقِ اللهَ تعالى، وَلْيُقِمِ العَدْلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ في العَطِيَّةِ وَالمُعَامَلَةِ وَالنَّظْرَةِ وَالابْتِسَامَةِ.

رَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بُنَيٌّ لَهُ، فَأَخَذَهُ فَقَبَّلَهُ وَأَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ بُنَيَّةٌ لَهُ، فَأَخَذَهَا وَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا عَدَلَتْ بَيْنَهُمَا».

وفي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لَهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ الأُسْرَةِ وَتَفَكُّكِهَا، عَدَمُ العَدْلِ في العَطِيَّةِ حَالَ الحَيَاةِ؛ الكَثِيرُ مِنَ الرِّجَالِ يُعْطُونَ الذُّكُورَ دُونَ الإِنَاثِ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ امْتِدَادٌ لَهُمْ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ المَالُ لَهُمْ دُونَ البَنَاتِ، وَالبَعْضُ يَقُولُ: نَحْنُ لَا نُعْطِي أَمْوَالَنَا لِأَصْهَارِنَا.

يَا هَؤُلَاءِ، لَقَدْ أَعْطَيْتُمُوهُمْ بَنَاتِكُمْ، أَعْطَيْتُمُوهُمْ شَرَفَكُمْ وَعِرْضَكُمْ؛ فَهَلِ المَالُ أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْهُنَّ؟

يَا مَنْ أَعْطَى وَحَرَمَ، وَيَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، تَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا﴾.

يَا مَنْ أَحَبَّ بَعْضَ أَوْلَادِهِ وَكَرِهَ بَعْضَهُمْ، احْذَرْ مِنْ إِظْهَارِ هَذَا مِنْ خِلَالِ تَصَرُّفَاتِكَ، فَإِنَّ هَذَا سُمٌّ قَاتِلٌ، وَتَصَرُّفٌ يَزْرَعُ الحِقْدَ وَالحَسَدَ وَالبَغْضَاءَ في القَلْبِ، وَالنَّفْسِ.

يَا مَنْ هُوَ حَرِيصٌ عَلَى بِرِّ أَبْنَائِهِ جَمِيعًا، اعْدِلْ بَيْنَ أَوْلَادِكَ في العَطِيَّةِ جَمِيعًا، وَلَا تُفَرِّقْ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَلَا بَيْنَ طَائِعٍ وَعَاصٍ، وَكُنْ عَوْنَاً لِمَنْ كَانَ عَاقًّا لَكَ بِالعَطِيَّةِ، وَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ عَوْنًا للشَّيْطَانِ عَلَى وَلَدِكَ بِعَدَمِ العَدْلِ.

أَلَسْتَ رَحِيمًا بِوَلَدِكَ؟! أَلَسْتَ حَرِيصًا عَلَى دُخُولِهِ الجَنَّةَ؟! فَكُنْ حَرِيصًا عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنَ العُقُوقِ بِعَطِيَّتِكَ لَهُ، وَالعَدْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ، وَاحْذَرِ الظُّلْمَ وَالجَوْرَ، وَتَذَكَّرْ بِأَنَّ العُقُوقَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الحُقُوقِ.

اللَّهُمَّ أَخْرِجْ مِنْ قُلُوبِنَا حُبَّ الدُّنْيَا، وَوَفِّقْنَا للعَدْلِ في جَمِيعِ شُؤُونِنَا. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 25/ربيع الأول /1444هـ، الموافق: 21/ تشرين الأول / 2022م

 2022-10-20
 3316
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

17-05-2024 172 مشاهدة
914ـ خطبة الجمعة: مهمة المسلم الإصلاح (1)

إِنَّ مُهِمَّةَ العَبْدِ المُؤْمِنِ العِبَادَةُ، وَمِنْ هَذِهِ العِبَادَةِ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي ... المزيد

 17-05-2024
 
 172
10-05-2024 342 مشاهدة
913ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (4)

فَرِيضَةُ الحَجِّ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالإِجْمَاعِ، وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾. ... المزيد

 10-05-2024
 
 342
02-05-2024 581 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 581
26-04-2024 538 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 538
19-04-2024 835 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 835
12-04-2024 1556 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1556

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414950010
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :