السؤال :
هَلْ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يَعْتَبِرَ الطَّبِيبُ أُجْرَةَ المُعَايَنَةِ للمَرِيضِ، أَو أُجْرَةَ العَمَلِيَّةِ لَهُ مِنَ الزَّكَاةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10521
 2020-07-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ عَرَّفَ الفُقَهَاءُ الزَّكَاةَ بِقَوْلِهِمْ: تَمْلِيكُ جُزْءِ مَالٍ مَخْصُوصٍ، مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ، لِشَخْصٍ مَخْصُوصٍ، عَيَّنَهُ الشَّارِعُ، لِوَجْهِ اللهِ تعالى.

هَذَا التَّعْرِيفُ دَقِيقٌ، وَلَهُ قُيُودٌ:

فَقَوْلُهُمْ: تَمْلِيكٌ: احْتُرِزَ بِهِ عَنِ الإِبَاحَةِ؛ فَلَو أَطْعَمَ يَتِيمًا نَاوِيًا الزَّكَاةَ، لَا يُجْزِيهِ، إِلَّا إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ المَطْعُومَ، كَمَا لَو كَسَاهُ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ ـ اليَتِيمُ مَعْنَى ـ القَبْضََ ـ حَتَّى لَا يَرْمِيهِ ـ إِلَّا إِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ ـ القَاضِي ـ بِنَفَقَتِهِمْ (أَيْ: فَلَا تُجْزِيهِ عَنِ الزَّكَاةِ).

وَقَوْلُهُمْ: جُزْءُ مَالٍ: خَرَّجَ المَنْفَعَةَ، فَلَو أَسْكَنَ فَقِيرًا دَارَهُ سَنَةً، نَاوِيًا الزَّكَاةَ، لَا يُجْزِيهِ.

وَالجُزْءُ المَخْصُوصُ: هُوَ المِقْدَارُ الوَاجِبُ دَفْعُهُ.

وَالمَالُ المَخْصُوصُ: هُوَ النِّصَابُ المُقَدَّرُ شَرْعًا.

وَالشَّخْصُ المَخْصُوصُ: هُمْ مُسْتَحِقُّوا الزَّكَاةِ.

وَقَوْلُهُمْ: عَيَّنَهُ الشَّارِعُ: هُوَ رُبُعُ عُشْرِ نِصَابٍ مُعَيَّنٍ مَضَى عَلَيْهِ الحَوْلُ، فَأَخْرَجَ صَدَقَةَ النَّافِلَةِ وَالفِطْرَةِ.

وَقَوْلُهُمْ: للهِ تعالى: أَيْ بِقَصْدِ مَرْضَاةِ اللهِ تعالى.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ المُعَايَنَةِ، وَلَا العَمَلِيَّةِ الجِرَاحِيَّةِ للمَرِيضِ مِنَ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ المُعَايَنَةَ وَالعَمَلِيَّةَ مَنْفَعَةٌ للمَرِيضِ، وَالزَّكَاةُ هِيَ جُزْءٌ مَخْصُوصٌ، مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ، وَهُنَا لَا يُوجَدُ مَالٌ.

وَلَكِنْ لَا مَانِعَ إِذَا قَبَضَ الطَّبِيبُ أُجْرَةَ المُعَايَنَةِ، أَو أُجْرَةَ العَمَلِيَّةِ مِنَ المَرِيضِ، ثُمَّ رَدَّهَا كَامِلَةً أَو جُزْءًا مِنْهَا، أَو زِيَادَةً عَلَيْهَا، أَنْ يَعْتَبِرَهَا مِنَ الزَّكَاةِ، لِأَنَّهُ في هَذِهِ الحَالَةِ مَلَّكَ الفَقِيرَ مَالًا. هذا، والله تعالى أعلم.