السؤال :
إِذَا كَانَ عَلَى الإِنْسَانِ قَضَاءُ صِيَامٍ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صِيَامِهِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ قَبْلَ أَذَانِ الفَجْرِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11147
 2021-04-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَكَرَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ صَوْمِ الفَرْضِ تَبْيِيتَ النِّيَّةِ لَيْلًا، مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ، فَلَو نَوَى عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَو عِنْدَ الفَجْرِ الصَّادِقِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، روى الترمذي عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ».

وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْمِ القَضَاءِ وَالكَفَّارَاتِ.

أَمَّا فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا تَبْيِيتَ النِّيَّةِ لَيْلًا لِصَوْمِ رَمَضَانَ، بَلْ أَجَازُوا النِّيَّةَ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى الضَّحْوَةِ الكُبْرَى، فَيَنْوِي قَبْلَهَا لِيَكُونَ الأَكْثَرُ مَنْوِيًّا، فَيَكُونَ لَهُ حُكْمُ الكُلِّ، وَلَو نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَالضَّحْوَةُ الكُبْرَى هِيَ نِصْفُ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ.

وَدَلِيلُ الحَنَفِيَّةِ ما رواه الإمام مسلم عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ: «مَنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ، فَلْيَصُمْ وَمَنْ كَانَ أَكَلَ، فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْلِ».

وَاشْتَرَطُوا لِصَوْمِ الكَفَّارَاتِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنُّذُورِ المُطْلَقَةِ تَبْيِيتَ النِّيَّةِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ بِالاتِّفَاقِ لَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ لَيْلًا لِقَضَاءِ الصِّيَامِ، وَلِصَوْمِ الكَفَّارَاتِ. هذا، والله تعالى أعلم.