طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَدِيثُ الأَوَّلُ رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَالحَدِيثُ الثَّانِي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» أَيْ: أَزَالَ عُذْرَهُ، فَلَمْ يُبْقِ لَهُ اعْتِذَارَاً، حَيْثُ أَمْهَلَهُ هَذِهِ المُدَّةَ وَلَمْ يَعْتَذِرْ.
وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَى عَبْدٍ أَحْيَاهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً، لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ، لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ» يَعْنِي: أَزَالَ العُذْرَ، وَلَمْ يُبْقِ لَهُ اعْتِذَارَاً؛ كَأَنْ يَقُولَ: لَو مُدَّ في الأَجَلِ لَفَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ.
يَعْنِي: لَمْ يَتْرُكِ اللهُ للعَبْدِ سَبَبَاً في الاعْتِذَارِ يَتَمَسَّكُ بِهِ.
وبناء على ذلك:
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْذَرَ اللهُ» وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَى عَبْدٍ أَحْيَاهُ» يَعْنِي: أَعْذَرَ إِلَيْهِ غَايَةَ الإِعْذَارِ، حَيْثُ لَا إِعْذَارَ بَعْدَهُ، فَأَمَدَّ في عُمُرِهِ حَتَّى بَلَغَ السِّتِّينَ وَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يَعْتَذِرْ، وَهَذَا مِنْ لُطْفِ اللهِ تعالى بِعِبَادِهِ، حَيْثُ أَعْذَرَ إِلَيْهِم مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَمْ يُعَاقِبْهُم إلا بَعْدَ إِقَامَةِ الحُجُجِ.
فَالهَمْزَةُ في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ» للسَّلْبِ، أَيْ: أَزَالَ عُذْرَهُ، أَو لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَوْضِعٌ للاعْتِذَارِ بَعْدَ إِمْهَالِهِ هَذِهِ المُدَّةَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |