43ـ مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم: علم وفقه سيدنا علي رَضِيَ اللهُ عَنهُ

 

 مع الصحابة و آل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

43ـ علم وفقه سيدنا علي رَضِيَ اللهُ عَنهُ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ أَسْرَعَ من الزَّمَنِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي ولا يَتَوَقَّفُ، وَمَا أَسْرَعَ مَا تَمُرُّ اللَّيَالِي والأَيَّامُ بالإِنْسَانِ، وَإِذَا بِهِ فَجْأَةً يَنْتَهِي أَجَلُهُ لِيُصْبِحَ كَأَنَّهُ لَمْ يَلْبَثْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا إلا فَتْرَةً يَسِيرَةً من الزَّمَنِ، وَقَد أَشَارَ اللهُ تعالى إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾. وَبِقَوْلِهِ تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: الزَّمَنُ الذي يَمْضِي لا يَعُودُ، فَإِذَا لَمْ يَمْلَأْهُ الإِنْسَانُ بالخَيْرِ، مَلَأَهُ بالشَّرِّ، وَرَحِمَ اللهُ تعالى الإِمَامَ الشَّافِعِيَّ الذي قَالَ: الوَقْتُ كَالسَّيْفِ، إِنْ لَمْ تَقْطَعْهُ قَطَعَكَ، وَنَفْسُكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بالخَيْرِ، شَغَلَتْكَ هِيَ بالشَّرِّ.

وَيَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَا مِن يَوْمٍ يَنْبَثِقُ فَجْرُهُ إلا نَادَى مُنَادٍ من قِبَلِ الحَقِّ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَنَا خَلْقٌ جَدِيدٌ، وَعَلَى عَمَلِكَ شَهِيدٌ، فَتَزَوَّدْ مِنِّي بِعَمَلٍ صَالِحٍ، فَإِنِّي لا أَعُودُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ.

أيُّها الإخوة الكرام: الرُّجُولَةُ تَكْمُنُ في اغْتِنَامِ فُرْصَةِ الحَيَاةِ، الرُّجُولَةُ تَكْمُنُ في أَدَاءِ حُقُوقِ اللهِ تعالى، الرُّجُولَةُ تَكْمُنُ في الاقْتِبَاسِ من شَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُصْبِحَ الرَّجُلُ صَاحِبَ الحَظِّ الأَوْفَرِ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارَاً وَلَا دِرْهَمَاً، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».

أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ كَانَ رَجُلاً من هؤلاءِ الرِّجَالِ، الذينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، حَتَّى نَالَ المَجْدَ من جَمِيعِ أَطْرَافِهِ، وَشَهِدَ لَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَاتٍ، مِنْهَا:

ما رواه الإمام مسلم عَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي».

وروى كذلكَ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ، أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ.

صِفَاتُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ:

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ جَادَّاً في حَيَاتِهِ، مُسْتَغِلَّاً لِأَنْفَاسِ عُمُرِهِ، حَتَّى كَمُلَتْ شَخْصِيَّتُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَصَارَ مَضْرِبَاً للأَمْثَالِ، لِمَنْ أَرَادَ كَمَالَ شَخْصِيَّتِهِ، من أَهَمِّ الصِّفَاتِ التي تَحَلَّى بِهَا رَضِيَ اللهُ عَنهُ:

العِلْمُ والفِقْهُ والدِّينُ:

أيُّها الإخوة الكرام: كَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ من عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ الكِبَارِ، وَقَد تَمَيَّزَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِجِدِّهِ في التَّحْصِيلِ، والتَّحَرِّي في قَبُولِ العِلْمِ، والسُّؤَالِ في طَلَبِهِ، وَاسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ ضَبْطِ العُلُومِ في زَمَنِهِ، من كِتَابَةٍ، وَتَعَهُّدٍ، وَلُزُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ يَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ في جَمْعِهِ للقُرْآنِ الكَرِيمِ: آلَيْتُ بِيَمِينٍ ألا أَرْتَدِي بِرِدَائِي إلا إلى الصَّلاةِ حَتَّى أَجْمَعَ القُرْآنَ.

وَقَالَ: مَا دَخَلَ نَوْمٌ عَيْنَيَّ، ولا غَمَضَ رَأْسِي على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى عَلِمْتُ ذَلِكَ اليَوْمَ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، من حَلَالٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَو كِتَابٍ، أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ، وَفِيمَنْ نَزَلَ.

وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَتَلَقَّى النَّصَّ من رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَاشَرَةً، وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ من غَيْرِهِ فَإِنَّهُ شَدِيدُ التَّحَرِّي في قَبُولِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يَنْسِبَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَوْلَاً لَمْ يَقُلْهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ على هذا المَنْهَجِ قَوْلُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: كُنْتُ رَجُلَاً إِذَا سَمِعْتُ من رَسُولِ اللهِ حَدِيثَاً نَفَعَنِي اللهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ من أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لي صَدَّقْتُهُ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ ـ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِن عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبَاً فَيُحْسِنُ الطَّهُورَ، ثمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ إلا غَفَرَ اللهُ لَهُ». ثمَّ قَرَأَ هذهِ الآيَةَ:﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على طَلَبِ العِلْمِ والتَّفَقُّهِ في دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَإِذَا عَاقَهُ عَائِقُ الحَيَاءِ في السُّؤَالِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَغَلَّبُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِطَلَبِهِ من أَحَدٍ من أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

روى الشيخان عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: كُنْتُ رَجُلَاً مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ».

أيُّها الإخوة الكرام: مَا كَانَ الحَيَاءُ لِيَمْنَعَ أَبَا الحَسَنَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَنْ يَتَفَقَّهَ في الدِّينِ، بَلْ يَحْتَالُ على التَّعَلُّمِ، وَلِذَا كَانَ يُحَذِّرُ النَّاسَ من تَرْكِ العِلْمِ بِسَبَبِ الحَيَاءِ، فَيَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُم إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا يَسْتَحْيِي جَاهِلٌ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ.

أَخْذُهُ العِلْمَ عَن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على مُلازَمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، حِينَ تَرَبَّى في حِجْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَمَا كَانَ كَبِيرَاً كَانَ مُلازِمَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ كَانَ صِهْرَاً، وَوَالِدَاً لِسِبْطَيْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَد شَهِدَتْ بِذَلِكَ أُمُّنَا السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها.

روى الإمام مسلم  عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَن الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.

فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمَاً وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ.

اِنْتِقَاءُ العِلْمِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد بَلَغَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ من العِلْمِ مَبْلَغَاً عَظِيمَاً، حَتَّى كَانَ يَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: سَلُونِي؛ ومَا كَانَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: سَلُونِي، إلا هُوَ.

جَاءَ في كِتَابِ أُسْدِ الغَابَةِ في تَعْرِيفِ الصَّحَابَةِ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَا كَانَ أَحَدٌ من النَّاسِ يَقُولُ: سَلُوني، غَيْرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَرَى الانْتِقَاءَ في العُلُومِ، فَقَد قَالَ: العِلْمُ أَكْثَرُ من أَنْ يُحْفَظَ، فَخُذُوا من كُلِّ عِلْمٍ مَحَاسِنَهُ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: مَن سَلَكَ طَرِيقَاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ضَلَّ، وَمَن تَمَسَّكَ بِغَيْرِ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَلَّ، فَمَن أَرَادَ العِصْمَةَ من جَمِيعِ الفِتَنِ والأَهْوَاءِ، فَعَلَيْهِ بالعِلْمِ والفِقْهِ، وَرَحِمَ اللهُ تعالى الإِمَامَ البُخَارِيَّ عِنْدَمَا جَعَلَ عُنْوَانَاً في صَحِيحِهِ في كِتَابِ العِلْمِ: (بَابُ العِلْمِ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ).

فَكَمْ مِنَّا مَن يَتَكَلَّمُ في دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ بِغَيْرِ عِلْمٍ؟ وَكَمْ مِنَّا مَن ضَلَّ وَأَضَلَّ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ في دِينِ اللهِ تعالى بِغَيْرِ فِقْهٍ؟

أيُّها الإخوة الكرام: والعِلْمُ يَحْتَاجُ إلى فَهْمٍ كَذَلِكَ، ولهذا تَرْجَمَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ في كِتَابِ العِلْمِ عُنْوَانَاً: (بَابُ الفَهْمِ في العِلْمِ).

أيُّها الإخوة الكرام: إِذَا أَرَادَ اللهُ عزَّ وجلَّ بِعَبْدِهِ خَيْرَاً فَقَّهَهُ في الدِّينِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرَاً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» رواه الشيخان عَن مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَقَد نَالَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَلْيَسْأَلْ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ: مَا حَظُّنَا من هذا؟

اللَّهُمَّ فَقِّهْنَا في الدِّينِ، وَعَلِّمْنَا التَّأْوِيلَ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 14/ صفر الخير /1437هـ، الموافق: 26/تشرين الثاني / 2015م