الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولًا: الكُلُّ يَعْلَمُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾.
وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾.
وَالكُلُّ يَعْلَمُ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؛ وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».
وَالكُلُّ يَعْلَمُ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثانيًا: أَظُنُّ بِأَنَّ الكُلَّ يَعْلَمُ بِأَنَّ الرِّبَا مُحَرَّمٌ في جَمِيعِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، وَقَدْ ذَمَّ اللهُ تعالى اليَهُودَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
ثالثًا: وَالكُلُّ يَعْلَمُ بِأَنَّ الرِّبَا حَرَامٌ، وَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ، هَذَا في حَقِّ آكِلِ الرِّبَا، وَمُوكِلِهِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيَحْرُمُ شِرَاءُ البَيْتِ عَنْ طَرِيقِ بَنْكٍ رِبَوِيٍّ، سَوَاءٌ كَانَ في دَوْلَةٍ أَوربيةٍ، أَو في غَيْرِهَا، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ مِنَ الرِّبَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ دَوْلَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدَوْلَةٍ غَيْرِ مُؤْمِنَةٍ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» وَعَدَّ مِنْهَا: «وَأَكْلُ الرِّبَا» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
يَحْرُمُ شِرَاءُ البَيْتِ عَنْ طَرِيقِ بَنْكٍ رِبَوِيٍّ، سَوَاءٌ كَانَ في دَوْلَةٍ أَوربيةٍ، أَو في غَيْرِهَا، وَلَو كَانَتْ نِسْبَةُ الرِّبَا قَلِيلَةً جِدًّا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
السَّكَنُ في بَيْتٍ بِعَقْدِ آجَارٍ حَلَالٌ شَرْعًا، وَمُبَارَكٌ فِيهِ، وَلَو كَانَتِ الأُجْرَةُ عَالِيَةً، أَمَّا في بَيْتٍ رِبَوِيٍّ فَحَرَامٌ شَرْعًا، وَغَيْرُ مُبَارَكٍ فِيهِ.
وَأَخِيرًا: شِرَاءُ البَيْتِ في دَوْلَةٍ أَوربيةٍ إِلْزَامٌ للمُشْتَرِي في البَقَاءِ في تِلْكَ الدَّوْلَةِ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً، وَالكُلُّ يَعْلَمُ خُطُورَةَ البَقَاءِ هُنَاكَ، وَخَاصَّةً عَلَى الأَطْفَالِ النَّاشِئَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |