الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

10833 - الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

25-12-2020 903 مشاهدة
 السؤال :
مَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10833
 2020-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ رواه الإمام البخاريُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» تَقْيِيدٌ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَرُؤْيَا الصَّالِحِ هِيَ التي تُنْسَبُ إلى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْنَى صَلَاحِهَا انْتِظَامُهَا وَاسْتِقَامَتُهَا؛ فَرُؤْيَا الفَاسِقِ لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَأَمَّا رُؤْيَا الكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا؛ وَلَو صَدَقَتْ رُؤْيَاهُمْ كَمَا يَصْدُقُ الكَذُوبُ.

وَهَذَا القَيْدُ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ، مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». هَذَا أولًا.

ثانيًا: يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لَا تَظُنَّ أَنَّ تَقْدِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، بَلْ لَا يَنْطِقُ إِلَّا بِحَقِيقَةِ الحَقِّ، فَقَوْلُهُ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» تَقْدِيرٌ تَحَقَّقَ، لَكِنْ لَيْسَ في قُوَّةِ غَيْرِهِ أَنْ يَعْرِفَ عِلَّةَ تِلْكَ النِّسْبَةِ إِلَّا بِتَخْمِينٍ، لِأَنَّ النُّبُوَّةَ عِبَارَةٌ عَمَّا يَخْتَصُّ بِهِ النَّبِيُّ وَيُفَارِقُ بِهِ غَيْرَهُ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الخَوَاصِّ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُمْكِنُ انْقِسَامُهُ إلى أَقْسَامٍ، بِحَيْثُ يُمْكِنُنَا أَنْ نُقَسِّمَهَا إلى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، بِحَيْثُ تَقَعُ الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةُ جُزْءًا مِنْ جُمْلَتِهَا، لَكِنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَّا إلى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، لَا إِنَّهُ الذي أَرَادَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقِيقَةً.

وَيَقُولُ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ العَرَبِيُّ: إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ هِيَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، لِصَلَاحِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا، بِخِلَافِ رُؤْيَا الْفَاسِقِ، فَإِنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ: تُعَدُّ مِنْ أَقْصَى الأَجْزَاءِ؛ وَأَمَّا رُؤْيَا الْكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُبَشِّرُ خَيْرٍ لَهُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَأَمَّا المَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». اللهُ تعالى أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.

أَمَّا رُؤْيَا الفَاسِقِ فَلَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ؛ وَأَمَّا رُؤْيَا الكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ حَدَّثَ عَنْ غَيْبٍ يَكُونُ خَبَرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ كَالكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ.

وَقَدْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنْ بَعْضِ الكُفَّارِ، كَمَا في رُؤْيَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ مَعَ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَرُؤْيَا مَلِكِهِمَا. هذا، والله تعالى أعلم.

903 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2024-08-08
 130
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟
 السؤال :
 2023-11-23
 7746
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 6185
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 4579
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 4020
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2581
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3190
المكتبة الصوتية 4849
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417388404
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :