حقيقة الرعد

10112 - حقيقة الرعد

03-01-2020 1815 مشاهدة
 السؤال :
مَا هِيَ حَقِيقَةُ الرَّعْدِ، هَلْ هُوَ نَاتِجٌ عَنْ تَصَادُمِ السَّحَابِ، أَمْ هُوَ صَوْتُ مَلَكٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10112
 2020-01-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: اسْتَحَبَّ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ التَّسْبِيحَ عِنْدَ الرَّعْدِ، فَيَقُولُ سَامِعُهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الرَّعْدِ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ.

روى الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ؛ ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ شَدِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الدُّعَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ وَبَرْدٌ فَقَالَ لَنَا كَعْبٌ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثَاً عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الرَّعْدِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فَقُلْنَا فَعُوفِينَا.

ثُمَّ لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِذَا بَرْدَةٌ قَدْ أَصَابَتْ أَنْفَهُ فَأَثَّرَتْ بِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا؟

فَقَالَ: بَرْدَةٌ أَصَابَتْ أَنْفِي فَأَثَّرَتْ بِي.

فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبَاً حِينَ سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ لَنَا: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الرَّعْدِ، فَقُلْنَا فَعُوفِينَا.

فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَهَلَّا أَعْلَمْتُمُونَا حَتَّى نَقُولَهُ.

ثانياً: روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ، عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ ... مِنْ جُمْلَةِ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ: قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟

قَالَ: «مَلَكٌ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ بِيَدِهِ ـ أَوْ فِي يَدِهِ ـ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ، يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللهُ».

قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟

قَالَ: «صَوْتُهُ».

قَالُوا: صَدَقْتَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهُنَاكَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ مِنْ قِبَلِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّحَابِ، وَفي يَدِهِ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ وَيَسُوقُهُ (مَخَارِيقُ: جَمْعُ مِخْرَاقٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ ثَوْبٌ يُلَفُّ وَيَضْرِبُ بِهِ الصِّبْيَانُ، وَالمُرَادُ بِهِ في الحَدِيثِ آلَةٌ تَزْجُرُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ السَّحَابَ) وَالصَّوْتُ هُوَ صَوْتُ المَلَكِ، وَهَذَا مِنَ الأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ عَنَّا، عَلَيْنَا بِالتَّسْلِيمِ، وَإِنْ كَانَ العُلَمَاءُ يَقُولُونَ هَذَا الرَّعْدُ نَاتِجٌ عَنْ تَصَادُمِ السَّحَابِ، فَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الحَقَائِقَ الغَيْبِيَّةَ قَدْ تَكُونُ الأَسْبَابُ المَادِّيَّةُ مَظْهَرَاً مِنْ المَظَاهِرِ لِتِلْكَ الحَقَائِقِ، يَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾. فَقَدْ يَكُونُ تَسْبِيحُ البَلَابِلِ تَغْرِيدَهَا، وَتَسْبِيحُ البِحَارِ صَوْتَ أَمْوَاجِهَا، وَالشَّرَارَةُ الكَهْرُبَائِيَّةُ النَّاتِجَةُ عِنْدَ تَصَادُمِ السَّحَابِ سَالِبِهِ مَعَ مُوجِبِهِ هِيَ مَظْهَرُ صَوْتِ المَلَكِ المُفَسَّرِ بِصَوْتِ الرَّعْدِ.

وَلَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ عِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

1815 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2024-09-20
 531
لَقَدْ كَثُرَتِ الفِرَقُ الإِسْلَامِيَّةُ اليَوْمَ، وَأَصْبَحَ الإِنْسَانُ في حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، فَأَيُّ فِرْقَةٍ هِيَ الأَصَحُّ حَتَّى يَلْتَزِمَهَا؟
 السؤال :
 2023-03-25
 1499
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 87
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 8094
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 996
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 916
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5633
المقالات 3197
المكتبة الصوتية 4873
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 419491139
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :