الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الإمام البخاري، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ».
وَالدَّوَامُ الرَّسْمِيُّ الذي حُدِّدَ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَتَعَاقَدَ عَلَيْهِ المُوَظَّفُ مَعَ الجِهَةِ المَعْنِيَّةِ مُلْزِمٌ للمُوَظَّفِ، وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ التَّقَيُّدُ بِبِدَايَةِ العَمَلِ وَنِهَايَتِهِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَوْجَبَ عَلَيْنَا الوَفَاءَ بِالعَقْدِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.
وَيُعْتَبَرُ العَقْدُ الذي يَتِمُّ بَيْنَ المُوَظَّفِ وَالجِهَةِ المَعْنِيَّةِ مِنَ العُهُودِ التي يَجِبُ الوَفَاءُ بِهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾.
وَالعَقْدُ أَمَانَةٌ في عُنُقِ المُوَظَّفِ، قَالَ تعالى: ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾.
وَالخُلْفُ بِشَرْطِ العَقْدِ، وَالخُلْفُ بِالعَهْدِ، وَالخُلْفُ بِالأَمَانَةِ لَيْسَ مِنْ وَصْفِ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ، بَلْ هُوَ مِنْ وَصْفِ الإِنْسَانِ المُنَافِقِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَتَغَيُّبُ المُوَظَّفِ عَنْ عَمَلِهِ، أَو التَّأَخُّرُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، لِأَنَّ فِيهِ إِخْلَالَاً بِالعَقْدِ وَالعَهْدِ وَالأَمَانَةِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ المُوَظَّفُ مُدَرِّسَاً أَو مُدَرِّسَةً؛ وَالمَالُ الذي يَأْخُذُهُ المُوَظَّفُ مَعَ غِيَابِهِ وَتَأَخُّرِهِ هُوَ مَالٌ حَرَامٌ شَرْعَاً، وَهُوَ آكِلٌ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ.
لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى المُوَظَّفِ التَّوَاجُدُ في مَكَانِ عَمَلِهِ مِنْ بِدَايَةِ الدَّوَامِ إلى نِهَايَتِهِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا مَعَ الجِهَةِ المَعْنِيَّةِ، سَوَاءٌ عِنْدَهُ عَمَلٌ أَمْ لَا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |