الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسَاً وَلَا زَمْهَرِيرَاً﴾.
وَقَالَ العُلَمَاءُ: لَيْسَ في الجَنَّةِ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، وَإِنَّمَا هُمْ في نُورٍ دَائِمٍ أَبَدَاً، وَإِنَّمَا يَعْرِفُونَ مِقْدَارَ اللَّيْلِ بِإِرْخَاءِ الحُجُبِ، وَإِغْلَاقِ الأَبْوَابِ، وَيَعْرِفُونَ مِقْدَارَ النَّهَارِ بِرَفْعِ الحُجُبِ ، وَفَتْحِ الأَبْوَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيَّاً﴾. أَيْ: مِثْلَ أَوْقَاتِ البُكْرَاتِ وَالعَشِيَّاتِ، لَا أَنَّ هُنَاكَ لَيْلاً وَنَهَاراً.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالجَنَّةُ لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ، وَلَا لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، لَكِنْ تُعْرَفُ البُكْرَةُ وَالعَشِيَّةُ بِنُورٍ يَظْهَرُ مِنْ قِبَلِ العَرْشِ.
وَلِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلٌّ للرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ وَالسَّكَنِ، وَأَهْلُ الجَنَّةِ في رَاحَةٍ وَدَعَةٍ وَسَكَنٍ دَائِمٍ لَا يَشُوبُهُ تَعَبٌ وَلَا نَصَبٌ، قَالَ تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾. وَ الشُّغُلُ الَمقْصُودُ بِقَوْلَهُ تعالى: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾. هُوَ الشُّغُلُ في النَّعِيمِ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.