الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولًا: أَوْجَبَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ عَلَى البِنْتِ طَاعَةَ أَبَوَيْهَا في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا الإِحْسَانَ لَهُمَا، قَالَ تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.
ثانيًا: وَأَوْجَبَ كَذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَةِ طَاعَةَ زَوْجِهَا في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَقُّ الزَّوْجِ آكَدُ مِنْ حَقِّ الوَالِدَيْنِ بَعْدَ زَوَاجِ البِنْتِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» رواه الترمذي والحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا تَعَارَضَ أَمْرُ الوَالِدَيْنِ مَعَ أَمْرِ الزَّوْجِ في الأُمُورِ المُبَاحَةِ، فَحَقُّ الزَّوْجِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ مِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَعَاوَنَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى بِرِّ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، لِأَنَّ رِضَا الوَالِدَيْنِ عَلَى الزَّوْجِ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ، سِرُّ سَعَادَتِهِمَا.
وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ حَكِيمًا في التَّعَامُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَوَالِدَيْهَا.
وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى التَّوْفِيقَ بَيْنَهُمَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |