الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَصَدَقَةُ الفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، روى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وروى الدارقطني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، أَوْ عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَدُّوا عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، فَأَمَّا الْغَنِيُّ فَيُزَكِّيهِ اللهُ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَيَرُدُّ اللهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى».
وَقَالَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ: هَذَا الأَمْرُ يَقْتَضِي الوُجُوبَ. هذا أولًا.
ثانيًا: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مِلْكِ النِّصَابِ في وُجُوبِ صَدَقَةِ الفِطْرِ، خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الحَنَفِيَّةُ حَيْثُ اشْتَرَطُوا لِوُجُوبِ صَدَقَةِ الفِطْرِ مِلْكَ النِّصَابِ، وَهُوَ مِئَتَا دِرْهَمٍ.
ثالثًا: مِقْدَارُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ (قَمْحٍ) أَو صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَو صَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ، وَمِقْدَارُ الصَّاعِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ قَرِيبٌ مِنْ 2 كغ.
وَأَمَّا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ مِقْدَارُ صَدَقَةِ الفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ (قَمْحٍ) لِمَا رواه الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُنَادِيًا فِي فِجَاجِ مَكَّةَ: «أَلَا إِنَّ صَدَقَةَ الفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ سِوَاهُ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ».
وَمِقْدَارُ الصَّاعِ عِنْدَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِ كغ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمِقْدَارُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ بِمَا فِيهِمُ السَّادَةُ الحَنَفِيَّةُ مَا يُعَادِلُ 2 كغ مِنَ القَمْحِ، وَيَسْأَلُ الإِنْسَانُ عَنْ سِعْرِ القَمْحِ في بَلَدِهِ، وَيُؤَدِّي صَدَقَةَ فِطْرِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |