الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالأَصْلُ في بَيْعِ الكَلْبِ وَشِرَائِهِ عَدَمُ الجَوَازِ، كَمَا أَنَّه لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ؛ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ.
روى الإمام مسلم عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ».
وروى الإمام مسلم عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ».
وروى الإمام البخاري عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ اشْتَرَى غُلاَمًا حَجَّامًا، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ البَغِيِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ وَالمُصَوِّرَ.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى حُرْمَةِ ثَمَنِ الكَلْبِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ للصَّيْدِ أَو المَاشِيَةِ أَو الحِرَاسَةِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ إلى جَوَازِ بَيْعِ وَشِرَاءِ الكَلْبِ، وَحِلِّ ثَمَنِهِ، إِذَا كَانَ مَأْذُونًا في اقْتِنَائِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَالحِرَاسَةِ وَالمَاشِيَةِ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، إِلَّا كَلْبَ الصَّيْدِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الحِرَاسَةِ، وَلَا يَجِدُ كَلْبًا إِلَّا بِالشِّرَاءِ، فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |