الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى المَرْأَةِ القَرَارَ في البَيْتِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾.
وَحَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَلْوَةِ بِالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، روى الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ».
فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».
وروى الشيخان عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟
قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ».
كَمَا حَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» رواه الشيخان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَعَمَلُ المَرْأَةِ سكرتيرة في مَكْتَبٍ للرِّجَالِ فِيهِ خُطُورَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمَفْسَدَةٌ لَهَا وَلِصَاحِبِ المَكْتَبِ، لِأَنَّ الأَمْرَ لَا يَخْلُو مِنْ خَلْوَةٍ بِهَا، وَلِأَنَّهُ مِنَ الطَّبِيعِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا اللِّينُ بِالقَوْلِ مَعَ صَاحِبِ المَكْتَبِ، وَمَعَ المُرَاجِعِينَ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ.
وَهَذَا العَمَلُ كَمْ وَكَمْ أَفْسَدَ الرِّجَالَ، وَكَمْ مِنْ حَوَادِثِ طَلَاقٍ وَقَعَتْ بَيْنَ أَصْحَابِ المَكَاتِبِ وَزَوْجَاتِهِمْ، وَكَمْ وَكَمْ مِنْ حَوَادِثِ الفَاحِشَةِ التي وَقَعَتْ بِسَبَبِ هَذَا الاخْتِلَاطِ وَتِلْكَ الخَلْوَةِ، وَكَمْ مِنْ عَامِلَةٍ سكرتيرة فَسَدَ دِينُهَا بِسَبَبِ صَاحِبِ المَكْتَبِ، وَإِذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَفْسَدَ عَلَيْهَا حَيَاتَهَا.
لِذَلِكَ لَا أَرَى جَوَازَ عَمَلِ المَرْأَةِ سكرتيرة في مَكْتَبٍ للرِّجَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |