متزوجة حديثًا وتريد الطلاق

11987 - متزوجة حديثًا وتريد الطلاق

07-06-2022 831 مشاهدة
 السؤال :
فَتَاةٌ تَزَوَّجَتْ مِنْ شَابٍّ صَاحِبِ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُحِبَّهُ، وَتُرِيدُ الطَّلَاقَ، عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلَى زَوَاجِهَا أَشْهُرٌ، فَمَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَلِكَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11987
 2022-06-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمَا دَامَ الزَّوْجُ صَاحِبَ دِينٍ وَخُلُقٍ فَلَا يَنْبَغِي لِتِلْكَ الفَتَاةِ أَنْ تَتَعَجَّلَ في طَلَبِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ قُلُوبَ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ.

وَلْتَذْكُرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. وَهَذَا الأَمْرُ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الرِّجَالِ، بَلْ هُوَ شَامِلٌ للنِّسَاءِ، فَلْتُعَاشِرْ زَوْجَهَا بِالمَعْرُوفِ، وَلْتَتَطَلَّعْ إلى وَعْدِ اللهِ تعالى الذي لَا يُخْلَفُ ﴿وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.

وَلْتَذْكُرْ كَذَلِكَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. فَالإِنْسَانُ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَكْمُنُ الخَيْرُ.

وَإِنْ كَانَتْ تَكْرَهُ بَعْضَ الصِّفَاتِ فِيهِ، فَعَلَيْهَا بِالصَّبْرِ وَالتَّحَمُّلِ مُقَابِلَ الحَسَنَاتِ الكَثِيرَةِ التي فِيهِ، وَلْتَذْكُرْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

يَعْنِي: لَا يُبْغِضْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، وَكَذَلِكَ هَذَا الحَدِيث يَشْمَلُ النِّسَاءَ مَعَ الرِّجَالِ، فَإِذَا كَرِهَتِ الزَّوْجَةُ خُلُقًا مِنْ زَوْجِهَا فَهُنَاكَ أَخْلَاقٌ تُرْضِيهَا فِيهِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَى هَذِهِ الزَّوْجَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الكَمَالَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَنْ تَجِدَ رَجُلًا فِيهِ صِفَاتُ الكَمَالِ كُلِّهَا، فَعَلَيْهَا بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَلْتَحْتَسِبِ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلْتَنْظُرْ في إِيجَابِيَّاتِ زَوْجِهَا، قَبْلَ النَّظَرِ في سَلْبِيَّاتِهِ، وَلْتُكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ في تَحْوِيلِ قَلْبِهَا إلى مَا يُرْضِي مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا إِذَا خَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الانْحِرَافِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ طَلَبِ تَسْرِيحِهَا وَأَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ بِالمُخَالَعَةِ الرِّضَائِيَّةِ بَيْنَهُمَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

إشكال حول سعة الرزق

سؤال 279: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ سَبَبٌ لِمَحْقِ الرِّزْقِ، وَلَكِنَّنَا نَرَى الظَّالِمِينَ الذينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ فَسَادًا قَدْ وَسَّعَ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ في أَرْزَاقِهِمْ، فَكَيْفَ نُزِيلُ هَذَا الإِشْكَالَ مِنْ نُفُوسِنَا؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الظُّلْمَ وَالمَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ سَبَبٌ لِمَحْقِ البَرَكَةِ في الرِّزْقِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزقَ بِالذَّنْبِ الذي يُصِيبُهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ الحَاكِمُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ».

وَالبَرَكَةُ في الرِّزْقِ وَالسَّعَةُ فِيهِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالتَّقْوَى وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى لَنَا في القُرْآنِ العَظِيمِ أَصْحَابَ الجَنَّةِ الذينَ عَزَمُوا عَلَى حِرْمَانِ الفُقَرَاءِ مِنْ نَصِيبِهِمْ فِيمَا آتَاهُمُ اللهُ تعالى مِنْ فَضْلِهِ، وَكَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

كَمَا ذَكَرَ رَبُّنَا في سُورَةِ الكَهْفِ قِصَّةَ صَاحِبِ الجَنَّتَيْنِ وَمَصِيرَهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا تَغْتَرَّ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، وَالذينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ فَسَادًا عِنْدَمَا يُوَسِّعُ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ في العَطَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الاسْتِدْرَاجِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾.

فَهُمْ عَلَى مَوْعِدٍ مَعَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ، لِحِكْمَةٍ يُرِيدُهَا تَبَارَكَ وتعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

831 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الطلاق

 السؤال :
 2023-12-11
 503
إِذَا طُلِّقَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا مِنَ القَضَاءِ المُبْرَمِ؟
رقم الفتوى : 12848
 السؤال :
 2022-10-10
 978
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ تَعِيشُ هِيَ وَزَوْجُهَا في دَوْلَةٍ أَوْرُبِّيَةٍ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ إلى بَلَدِهِ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ دِينِهِ وَدِينِ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، فَرَفَضَتِ الزَّوْجَةُ العَوْدَةَ، وَتُرِيدُ طَلَاقَهُ وَفْقًا للأَحْكَامِ في تِلْكَ الدَّوْلَةِ الأَوْرُبِّيَةِ، وَتَأْخُذُ نِصْفَ مَالِهِ، فَمَا حُكْمُ هَذِهِ المَرْأَةِ؟
رقم الفتوى : 12230
 السؤال :
 2022-06-20
 1267
إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَلَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ غَيْرُ الذي يَسْكُنُهُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى في نَفْسِ المَسْكَنِ الذي فِيهِ مُطَلَّقَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12035
 السؤال :
 2020-09-24
 2902
نَحْنُ نَعْلَمُ بِأَنَّ عَقْدَ الزَّوَاجِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِوُجُودِ الشُّهُودِ، فَهَلِ الطَّلَاقُ يَحْتَاجُ إلى وُجُودِ الشُّهُودِ؟
رقم الفتوى : 10665
 السؤال :
 2020-03-07
 4551
امْرَأَةٌ رَأَتْ زَوْجَهَا يَقْتَرِفُ جَرِيمَةَ الزِّنَا في بَيْتِهَا وَعَلَى فِرَاشِهَا، فَطَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ ،وَإِلَّا فَسَتَفْضَحُهُ وَطَلَّقَهَا، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 10200
 السؤال :
 2020-03-07
 2664
رَجُلٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ في المَحْكَمَةِ، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا في المَرَّةِ الثَّالِثَةِ، سَأَلَ عَالِمًا عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَاهُ بِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ، وَتَمَّ إِجْرَاءُ العَقْدِ عَلَيْهَا، فَهَلْ دُخُولُهُ بِهَا صَحِيحٌ؟
رقم الفتوى : 10197

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3194
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 418735334
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :