الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لَمْ يَثْبُتْ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ حَشْوُ مَنَافِذِ المَيْتِ بِقُطْنٍ، وَلَكِنَّ بَعْضَ الفُقَهَاءِ اسْتَحَبَّ حَشْوَ مَنَافِذِ المَيْتِ بِقُطْنٍ، لِمَنْعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَلِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الكَرِيهَةِ، وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يُجْعَلَ في القُطْنِ شَيْءٌ مِنَ الكَافُورِ وَالحَنُوطِ.
وروى ابن أَبِي شيبة عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يُحْشَا دُبُرُهُ، وَمَسَامِعُهُ، وَأَنْفُهُ.
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: يُحْشَا دُبُرُ الْمَيِّتِ، وَفُوهُ، وَمَنْخِرَاهُ قُطْنًا.
وَقَالَ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ: لَيْسَ في الغُسْلِ اسْتِعْمَالُ القُطْنِ، لَكِنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الدُّرِّ المُخْتَارِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجْعَلَ القُطْنُ عَلَى وَجْهِ المَيْتِ وَأَنْ يُحْشَا بِهِ مَخَارِقُهُ كَالدُّبُرِ وَالقُبُلِ وَالأُذُنَيْنِ وَالأَنْفِ وَالفَمِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
اسْتَحَبَّ الفُقَهَاءُ حَشْوَ مَنَافِذِ المَيْتِ بِقُطْنٍ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ يُخْشَى خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهَا، مِنْ نَجَاسَةٍ، أَو دَمٍ، أَو رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.