التبرع بالأعضاء بدون مقابل

12438 - التبرع بالأعضاء بدون مقابل

10-03-2023 1224 مشاهدة
 السؤال :
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12438
 2023-03-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالأَصْلُ في هَذِهِ القَضِيَّةِ عَدَمُ الجَوَازِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ في حَيَاةِ المُتَبَرِّعِ، أَو بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، لِأَنَّ أَعْضَاءَ الإِنْسَانِ مُحْتَرَمَةٌ شَرْعًا، وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ القُدَامَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَاءِ المُتَوَفَّى، وَلَو أَوْصَى بِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ هَذَا يُلْحِقُ ضَرَرًا بِجَسَدِهِ، أَو لَا يَنْفَعُ المُتَبَرَّعَ لَهُ في غَالِبِ الظَّنِّ.

غَيْرَ أَنَّ الفُقَهَاءَ المُعَاصِريْنَ أَجَازُوا ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ أَنَّ في التَّبَرُّعِ بِالأَعْضَاءِ إِحْيَاءُ نَفْسٍ، وَهُوَ أَهْوَنُ وَأَقْرَبُ مِنْ تَعْرِيضِ حَيٍّ للهَلَاكِ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، للاسْتِئْنَاسِ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾. مَعَ المُحَافَظَةِ وَالاعْتِرَافِ وَالإبْقَاءِ عَلَى حُرْمَةِ الإِنْسَانِ حَيًّا وَمَيْتًا.

وَقَدْ جَعَلُوا لِجَوَازِ هَذَا الأَمْرِ شُرُوطًا:

1ـ أَلَّا يَكُونَ العُضْوُ المُتَبَرَّعُ بِهِ فَرْدِيًّا في الجِسْمِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الحَيَاةُ كَالقَلْبِ وَالكَبِدِ.

2ـ أَلَّا يَضُرَّ العُضْوُ المُتَبَرَّعُ بِهِ المُتَبَرِّعَ ضَرَرًا يُخِلُّ بِحَيَاتِهِ العَادِيَّةِ، للقَاعِدَةِ: (أَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِضَرَرٍ مِثْلِهِ أَو بِأَشَدَّ مِنْهُ) لِأَنَّ التَّبَرُّعَ في هَذِهِ الحَالَةِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الإِلْقَاءِ بِالنَّفْسِ إلى التَّهْلُكَةِ.

3ـ أَنْ يَكُونَ إِعْطَاءُ العُضْوِ طَوْعًا مِنَ المُتَبَرِّعِ دُونَ إِكْرَاهٍ.

4ـ أَنْ يَكُونَ نَجَاحُ كُلٍّ مِنْ عَمَلِّيَتَيِ النَّزْعِ وَالزَّرْعِ مُحَقَّقًا في العَادَةِ أَو غَالِبًا.

5ـ أَلَّا يَتِمَّ ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ البَيْعِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْضَاعُ أَعْضَاءِ الإِنْسَانِ للبَيْعِ، أَمَّا إِذَا أَعْطَى المُسْتَفِيدُ مِنَ العُضْوِ مُكَافَأَةً وَتَكْرِيمًا للمُتَبَرِّعِ، بِدُونِ شَرْطٍ مَلْفُوظٍ أَو مَلْحُوظٍ فَلَا حَرَجَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

أَمَّا في حَالِ مَوْتِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَبَرَّعَ المَيْتُ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ إلى حَيٍّ تَتَوَقَّفُ حَيَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ العُضْوِ، أَو تَتَوَقَّفُ سَلَامَةُ وَظِيفَةٍ أَسَاسِيَّةٍ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ، بِشُرُوطٍ:

1ـ أَنْ يَكُونَ المُتَبَرِّعُ بَالِغًا عَاقِلًا رَاشِدًا.

2ـ أَنْ يَأْذَنَ المَيْتُ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ.

3ـ أَنْ يَأْذَنَ الوَرَثَةُ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَوْصَى بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ.

4ـ إِذَا كَانَ المُتَوَفَّى مَجْهُولَ الهُوِيَّةِ وَلَمْ يَأْذَنْ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَو لَا وَرَثَةَ لَهُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ في هَذِهِ الحَالَةِ مُوَافَقَةُ وَلِيِّ أَمْرِ المُسْلِمِينَ.

5ـ أَنْ يُتَحَقَّقَ مِنْ مَوْتِ المُتَبَرِّعِ، وَذَلِكَ بِتَعَطُّلِ جَمِيعِ وَظَائِفِ الدِّمَاغِ تَعَطُّلًا نِهَائِيًّا لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَأَنْ يَتَوَقَّفَ القَلْبُ وَالتَّنَفُّسُ تَوَقُّفًا تَامًّا لَا رَجْعَةَ فِيهِ.

6ـ أَلَّا يَكُونَ العُضْوُ المُتَبَرَّعُ بِهِ مُقَابِلَ مَالٍ (أَيْ: بَيْعًا). هذا، والله تعالى أعلم.

 

1224 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2024-08-19
 210
هَلْ يَجُوزُ تَدْلِيكُ الجِسْمِ بِالخَمْرِ لِدَاءٍ حَلَّ فِيهِ؟
 السؤال :
 2024-08-17
 493
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَهَابِ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ إلى مَدِينَةِ المَلَاهِي لِلَّعِبِ في المَرَاجِيحِ وَغَيْرِهَا، مِنْ أَجْلِ إِدْخَالِ الفَرَحِ وَالسُّرُورِ إلى قُلُوبِ الأَوْلَادِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 1275
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 1540
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 865
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 763
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5633
المقالات 3197
المكتبة الصوتية 4873
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 419495323
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :