الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ الإِقَامَةَ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ الكَافِرَةِ فِيهَا خَطَرٌ عَظِيمٌ عَلَى دِينِ المُسْلِمِ، وَأَخْلَاقِهِ وَسُلُوكِهِ وَآدَابِهِ، وَقَدْ سَمِعْنَا وَسَمِعَ غَيْرُنَا انْحِرَافَ الكَثِيرِ مِمَّنْ أَقَامُوا هُنَاكَ وَرَجَعُوا بِخِلَافِ مَا ذَهَبُوا بِهِ، رَجَعُوا فُسَّاقًا فُجَّارًا، وَبَعْضُهُمُ ارْتَدَّ عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: كَيْفَ تَطِيبُ نَفْسُ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ أَنْ يَسْكُنَ تِلْكَ البِلَادَ التي رُفِعَ فِيهَا شِعَارُ التَّحَلُّلِ مِنَ الدِّينِ، وَدَعْوَةُ النَّاسِ إلى الفُجُورِ، وَخَاصَّةً لِارْتِكَابِ الفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَالدَّعْوَةُ جِهَارًا نَهَارًا إلى الزِّنَا وَاللِّوَاطَةِ، بَلْ وَلِزَوَاجِ الرَّجُلِ بِالرَّجُلِ، وَالمَرْأَةِ بِالمَرْأَةِ، وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ مِثْلِيَّةً جِنْسِيَّةً، ومَا هُوَ إِلَّا شُذُوذٌ جِنْسِيٌّ وَانْتِكَاسٌ لِلْفِطْرَةِ الإِنْسَانِيَّةِ.
ثَالِثًا: مِنَ المَعْلُومِ عِنْدَ الجَمِيعِ أَنَّ المُضَايَقَاتِ شَدِيدَةٌ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَخَاصَّةً في مَسْأَلَةِ حِجَابِهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا أَرَى جَوَازَ إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في تِلْكَ البِلَادِ، وَخَاصَّةً إِذَا أُلْزِمَتْ بِنَزْعِ حِجَابِهَا، وَدُعِيَتْ إلى الاخْتِلَاطِ مَعَ الرِّجَالِ، وَالإِنْسَانُ عِنْدَمَا يَأْلَفُ المُنْكَرَ قَدْ يَصِلُ إلى دَرَجَةِ اسْتِحْلَالِهِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.
فَهَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ تُخَاطِرَ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ بِدِينِهَا مِنْ أَجْلِ عَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا؟ هذا، والله تعالى أعلم.