الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وَقَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ـ وَعَدَّ مِنْهُمْ ـ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ وَاجِبٌ شَرْعًا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ، مَعَ الرِّفْقِ وَاللِّينِ بِدَايَةً، ثُمَّ مَعَ الحَزْمِ نِهَايَةً.
ثَالِثًا: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ المَرْأَةِ مَعَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَالمُمَازَحَةَ وَالضَّحِكَ مَعَهُمْ، مِنْ أَخْطَرِ المُحَرَّمَاتِ وَأَسْوَئِهَا عَاقِبَةً، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الخُضُوعِ بِالقَوْلِ، وَقَدْ نُهِيَتِ المَرْأَةُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾. فَضْلًا عَنْ مُخَالَفَتِهِمْ جَمِيعًا ـ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ـ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾.
رَابِعًا: عَمَلُ المَرْأَةِ مَشْرُوعٌ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِشَرْطِ عَدَمِ الاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ، وَبِشَرْطِ عَدَمِ ضَيَاعِ الوَاجِبَاتِ التي عَلَيْهَا نَحْوَ زَوْجِهَا وَأَوْلَادِهَا وَبَيْتِهَا، وَأَنْ تَكُونَ مُضْطَرَّةً لِذَلِكَ العَمَلِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، مَعَ دَوَامِ النُّصْحِ بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ وَحَازِمٍ، وَالتَّذْكِيرِ بِعَوَاقِبِ هَذَا الفِعْلِ وَخُطُورَتِهِ، وَاسْتَعِنْ عَلَيْهَا بِأَهْلِهَا، مَعَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ، وَإِذَا أَصَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، فَتَسْرِيحُهَا بِإِحْسَانٍ هُوَ الخَيْرُ في حَقِّكَ، حَتَّى لَا تَنْدَمَ عَلَى عَوَاقِبِ هَذَا الفِعْلِ. هذا، والله تعالى أعلم.