الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهَا الظُّلْمَ، وَعَنْ كُلِّ مَظْلُومٍ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ عَلَى كُلِّ ظَالِمٍ، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُحَقِّقَ لَهَا السَّعَادَةَ في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ، وَلِسَائِرِ الأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ؛ وَأَنْصَحُهَا بِالآتِي:
أَوَّلًا: بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَلْتَسْمَعِ البِشَارَةَ مِنْ كِتَابِ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
وَلْتَسْمَعْ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟
قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ».
ثَانِيًا: قُلُوبُ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَمَا يَشَاءُ، فَلْتُكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّعَاءِ، وَدُعَاءُ المَظْلُومِ مُسْتَجَابٌ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ».
ثَالِثًا: الإِحْسَانُ إِلَيْهِ بَعْدَ الإِسَاءَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَابِعًا: تَقْدِيمُ النُّصْحِ لَهُ في سَاعَاتِ الصَّفَاءِ، وَتَحْوِيلُ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ لِنُصْحِهِ وَلِتَذْكِيرِهِ بِاللهِ تعالى، لَعَلَّ اللهَ تعالى يَشْرَحُ صَدْرَهُ للاسْتِجَابَةِ.
خَامِسًا: عَدَمُ ذِكْرِ إِسَاءَتِهِ لِأَحَدٍ، فَهَذَا أَدْعَى للاسْتِحْيَاءِ مِنَ اللهِ تعالى.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَهَذِهِ بَعْضُ النَّصَائِحِ للمَرْأَةِ المَظْلُومَةِ التي تَقُومُ بِالوَاجِبِ الذي عَلَيْهَا، وَتَرَى الإِسَاءَةَ مِنْ زَوْجِهَا بَعْدَ إِحْسَانِهَا، وَلَكِنْ إِذَا خَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الفِتْنَةِ وَلَمْ تَعُدْ تَحْتَمِلُ الأَذَى وَالظُّلْمَ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا مِنْ طَلَبِ الطَّلَاقِ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ. هذا، والله تعالى أعلم.