لماذا حرم الحرير على الرجال؟

13479 - لماذا حرم الحرير على الرجال؟

22-02-2025 39 مشاهدة
 السؤال :
لِمَاذَا حَرَّمَ اللهُ تعالى، وَحَرَّمَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ الحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ نَعِيمِ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ فِي الجَنَّةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13479
 2025-02-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾.

فَطَاعَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرْضٌ عَلَى العِبَادِ فِيمَا أَمَرَ وَفِيمَا نَهَى، عَرَفَ العِبَادُ العِلَّةَ أَوْ جَهِلُوهَا، وَعَرَفُوا الغَايَةَ أَوْ جَهِلُوهَا، العِلَّةُ في الأَمْرِ وَالنَّهْيِ هِيَ: أَنَّ اللهَ تعالى خَالِقُنَا، وَهُوَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا وَنَحْنُ عَبِيدُهُ، وَالعَبْدُ لَا يَسَعُهُ إِلَّا امْتِثَالُ أَمْرِ سَيِّدِهِ.

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟

قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: الدُّنْيَا دَارُ تَكْلِيفٍ، وَالآخِرَةُ دَارُ الجَزَاءِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُقَاسَ الآخِرَةُ عَلَى الدُّنْيَا، فَمَا فِي الآخِرَةِ لَيْسَ يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾».

وَمَا حُرِّمَ فِي الدُّنْيَا قَدْ يُبَاحُ في الآخِرَةِ، لِأَنَّهُ مَا حُرِّمَ في الدُّنْيَا إِلَّا لِوُجُودِ ضَرَرٍ، وَمَا أُبِيحَ في الآخِرَةِ إِلَّا لِوُجُودِ نَعِيمٍ فِيهِ، وَإِنْ تَشَابَهَتِ الأَسْمَاءُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾. وَلَكِنْ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ، لِأَنَّ نَعِيمَ الآخِرَةِ كُلَّهُ نَفْعٌ.

فَمَا حُرِّمَ في الدُّنْيَا قَدْ يُبَاحُ في الآخِرَةِ، كَالحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالخَمْرِ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ تَسْتَطِيعَ المُقَارَنَةَ بَيْنَهُمَا؛ وَأَحْكَامُ الدُّنْيَا لَيْسَتْ كَأَحْكَامِ الآخِرَةِ، فَلِكُلٍّ مِنَ الدَّارَيْنِ أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ.

ثَالِثًا: رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي».

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ».

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ حَرِيرٍ، أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبًا مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا».

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ».

رَابِعًا: الحِكْمَةُ مِنْ تَحْرِيمِ الحَرِيرِ الَّتِي اسْتَنْبَطَهَا بَعْضُ الفُقَهَاءِ:

1ـ خُلِقَ في الأَصْلِ لِلنِّسَاءِ كَالحِلْيَةِ بِالذَّهَبِ.

2ـ حُرِّمَ عَلَى الرِّجَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَفْسَدَةِ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ.

3ـ لِمَا يُورِثُهُ مِنَ الفَخْرِ وَالخُيَلَاءِ وَالعُجْبِ.

4ـ اخْتِبَارٌ لِلْمُؤْمِنِ أَيَمْتَثِلُ أَمْرَ رَبِّهِ أَمْ لَا؟

5ـ حَتَّى يُجَاهِدَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ، وَيُخَالِفَهُمَا لِيَفُوزَ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَمْتَثِلَ أَمْرَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَرَفَ العِلَّةَ وَالغَايَةَ مِنَ التَّحْرِيمِ أَوْ لَا، فَمَنْ أَرَادَ دُخُولَ الجَنَّةِ لَا يَسَعُهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

39 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2025-03-03
 66
هَلْ وَرَدَ دَلِيلٌ بِجَوَازِ التَّوَسُّلِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-18
 101
مَا حُكْمُ قَوْلِ القَائِلِ: مَدَدًا يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، أَو مَدَدًا يَا سَيِّدِي (فُلَانٍ مِنَ الصَّالِحِينَ)؟ أَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا شِرْكًا؟
 السؤال :
 2025-02-11
 74
هَلْ يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ السُّلَحْفَاةِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ تَرْبِيَتُهَا في البَيْتِ؟
 السؤال :
 2024-08-19
 494
هَلْ يَجُوزُ تَدْلِيكُ الجِسْمِ بِالخَمْرِ لِدَاءٍ حَلَّ فِيهِ؟
 السؤال :
 2024-08-17
 753
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَهَابِ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ إلى مَدِينَةِ المَلَاهِي لِلَّعِبِ في المَرَاجِيحِ وَغَيْرِهَا، مِنْ أَجْلِ إِدْخَالِ الفَرَحِ وَالسُّرُورِ إلى قُلُوبِ الأَوْلَادِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 1491
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5662
المقالات 3204
المكتبة الصوتية 4879
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 421683855
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :