الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ المُؤْمِنِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ نَظْرَتَانِ، نَظْرَةٌ تَوْحِيدِيَّةٌ للهِ تَعَالَى، بِأَنَّهُ وَحْدَهُ مُسَبِّبُ الأَسْبَابِ، وَالفَاعِلُ المُطْلَقُ فِي هَذَا الكَوْنِ، المُنْفَرِدُ بِالإِيجَادِ وَالإِمْدَادِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، مَهْمَا عَلَا قَدْرُهُ أَوْ سَمَتْ رُتْبَتُهُ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ.
وَنَظْرَةٌ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللهُ تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ، حَيْثُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا.
فَالمُؤْمِنُ يَتَّخِذُ الأَسْبَابَ وَلَكِنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَلَا يَعْتَقِدُ بِتَأْثِيرِهَا الاسْتِقْلَالِيِّ، فَإِذَا نَظَرَ العَبْدُ إِلَى السَّبَبِ وَاعْتَقَدَ بِتَأْثِيرِهِ المُسْتَقِلِّ عَنِ اللهِ تَعَالَى فَقَدْ أَشْرَكَ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الإِلَهَ الوَاحِدَ آلِهَةً مُتَعَدِّدَةً.
وَإِذَا نَظَرَ لِلْمُسَبِّبِ وَأَهْمَلَ اتِّخَاذَ الأَسْبَابِ فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ اللهِ الَّذِي جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا.
وَالكَمَالُ هُوَ النَّظَرُ بِالعَيْنَيْنِ مَعًا، فَنَشْهَدُ المُسَبِّبَ وَلَا نُهْمِلُ السَّبَبَ.
وَالأَمْثِلَةُ عَلَى هَذَا فِي القُرْآنِ العَظِيمِ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾.
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَيَا عَامِرُ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ:
تَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا
وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا، وَلَكِنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ».
قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ.
قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللهُ» ـ وَكَانَ الصَّحْبُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَرْحَمَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ فِي غَزَاةٍ يَخُصُّهُ بِهِ، إِلَّا اسْتَشْهَدَ.
وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِهِ ـ القَائِلُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَوْلُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِهِ؛ يَعْنِي: هَلَّا تَرَكْتَهُ لَنَا حَيًّا نَتَمَتَّعُ بِهِ.
كَلَامُ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا مِنْ حَيْثُ السَّبَبُ، لَا مِنْ حَيْثُ المُسَبِّبُ الحَقِيقِيُّ، لِأَنَّ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى ـ.
فَالهَادِي عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ تعالى، وَالمُتَوَفِّي الحَقِيقِيُّ هُوَ اللهُ تعالى، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ السَّبَبُ فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الهَادِي، وَمَلَكُ المَوْتِ هُوَالمُتَوَفِّي، وَهَكَذَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالمُغِيثُ الحَقِيقِيُّ هُوَ اللهُ تعالى وَحْدَهُ، وَهُوَ مُسَبِّبُ الأَسْبَابِ، وَاللهُ تعالى هُوَ الفَعَّالُ المُطْلَقُ فِي هَذَا الكَوْنِ المُنْفَرِدُ بِالإِيجَادِ وَالإِمْدَادِ، وَهُوَ تَبَارَكَ وتعالى خَلَقَ الأَسْبَابَ، فَالعَبْدُ المُؤْمِنُ يَتَعَامَلُ مَعَ الأَسْبَابِ لِأَنَّ اللهَ تعالى مُوجِدُهَا، وَلَا يَتَوَكَّلُ عَلَيْهَا، بَلْ يَتَوَكَّلُ عَلَى مُسَبِّبِهَا تَبَارَكَ وتعالى.
فَمَنْ أَخَذَ بِالأَسْبَابِ المَشْرُوعَةِ مُتَوَسِّلًا بِهَا إلى اللهِ تعالى، لَا يَكُونُ مُشْرِكًا، إِلَّا إِذَا اعْتَقَدَ العَبْدُ أَنَّ الأَسْبَابَ مُؤَثِّرَةٌ بِحَدِّ ذَاتِهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْ إِنْسَانٍ مُؤْمِنٍ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا فَقَالَ: «رَحِمَكِ اللهُ يَا أُمِّي، كُنْتِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي، وتُشْبِعِينِي وتَعْرَيْنَ، وتُكْسِينِي، وتَمْنَعِينَ نَفْسَكِ طَيِّبًا، وتُطْعِمِينِي تُرِيدِينَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ».
ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُغَسَّلَ ثَلَاثًا، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ سَكَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ خَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ فَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ وَكَفَّنَهَا بِبُرْدٍ فَوْقَهُ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَغُلَامًا أَسْوَدَ يَحْفُرُونَ فَحَفَرُوا قَبْرَهَا فَلَمَّا بَلَغُوا اللَّحْدَ حَفَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَأَخْرَجَ تُرَابَهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَاضْطَجَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، ولَقِّنْهَا حُجَّتَها، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا، بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وأَدْخَلُوها اللَّحْدَ هُوَ وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» هُوَ عَيْنُ التَّوَسُّلِ، تَوَسَّلَ إلى اللهِ تعالى بِحَقِّهِ وَبِحَقِّ مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي عَالَمِ البَرْزَخِ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا، وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً، وَلَا سُمْعَةً، وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ، سُخْطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، أَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ».
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا» أَيْ: مُتَوَسِّلًا إِلَيْكَ فِي قَضَاءِ الحَاجَةِ، وَإِمْضَاءِ المَسْأَلَةِ بِمَا لِلسَّائِلِينَ عِنْدَكَ مِنَ الفَضْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَيْكَ بِمُقْتَضَى فَضْلِكَ وَوَعْدِكَ وَجُودِكَ وَإِحْسَانِكَ.
وَمِمَّا لَاشَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ حَقًّا لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.
وَكَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟».
قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ـ إِذًا بِنَصِّ الحَدِيثِ هُنَاكَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ هَذَا مِنْ بَابِ الفَضْلِ ـ.
فَاللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ المٌنْعِمُ عَلَى العِبَادِ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَمَّا حَقُّ العِبَادِ عَلَيْهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ.
فَهَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ» يُحْمَلُ عَلَى الحَقِيقَةِ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ السَّبَبُ فَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ يَرُدُّ اللهُ عَلَيَّ بَصَرِي.
فَقَالَ لَهُ: «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي» فَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَقَامَ وَقَدْ أَبْصَرَ.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَنِي.
قَالَ: «إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».
قَالَ: فَادْعُهْ.
قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ».
وَأَخِيرًا فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتَوَسَّلَ فَلْيَتَوَسَّلْ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ لَا يَتَوسَّلَ فَلَا يَتَوَسَّلْ. هذا، والله تعالى أعلم.