الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.
يَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ: كَانَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ تُقَاتِلُ غَطَفَانَ، فَلَمَّا الْتَقَوْا هُزِمَتْ يَهُودُ، فَعَادَتْ يَهُودُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَقَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنْ تُخْرِجَهُ لَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِلَّا تَنْصُرْنَا عَلَيْهِمْ؛ قَالَ: فَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَهَزَمُوا غَطَفَانَ. اهـ.
وَيَقُولُ الإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ: أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فَفِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهٌ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ اليَهُودَ مِنْ قَبْلِ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَنُزُولِ القُرْآنِ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ، أَيْ: يَسْأَلُونَ الفَتْحَ وَالنُّصْرَةَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَيْنَا وَانْصُرْنَا بِالنَّبِيِّ الأُمِّيِّ. اهـ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَدْ كَانَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ يَدْعُونَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنْ تُخْرِجَهُ لَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِلَّا تَنْصُرْنَا عَلَيْهِمْ؛ قَالَ: فَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَهَزَمُوا غَطَفَانَ.
فَأَهْلُ الكِتَابِ كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَلْقِهِ فِي أَنْ يَنْصُرَهُمُ اللهُ تعالى عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَيُنْصَرُوا. هذا، والله تعالى أعلم.