الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا الحديث ما ورد عن النبي صلى الله فيما علمتُ، ولكن جاء في سنن البيهقي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه موقوفاً قَالَ: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ ذَنْبٍ إِلاَّ الأَمَانَةَ، يُؤْتَى بِصَاحِبِهَا وَإِنْ كَانَ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقَالَ لَهُ: أَدِّ أَمَانَتَكَ، فَيَقُولُ: رَبِّ ذَهَبَتِ الدُّنْيَا فَمِنْ أَيْنَ أُؤَدِّيهَا؟ فَيَقُولُ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، حَتَّى إِذَا أُتِيَ بِهِ إِلَى قَرَارِ الْهَاوِيَةِ مَثُلَتْ لَهُ أَمَانَتُهُ كَيَوْمِ دُفِعَتْ إِلَيْهِ، فَيَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ يَصْعَدُ بِهَا فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ خَرَج مِنْهَا هَوَتْ وَهَوَى فِي أَثَرِهَا أَبَدَ الآبِدِينَ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنَّ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.
والرواية الصحيحة ما جاء في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ). وفي رواية الترمذي عَنْ أَنَس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ خَطِيئَةٍ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِلا الدَّيْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِلا الدَّيْنَ).
والمراد من الدَّيْن هو ما يتعلق بحقوق العباد من نحو دم ومال وعرض، فإنها لا تُغفر بالشهادة، وكذلك الأمانة، لأن حقوق العباد مبنية على المشاحَّة، أما حقوق الله فمبنية على المسامحة، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ) رواه مسلم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَوَّلُ مَا يُهَرَاقُ مِنْ دَمِ الشَّهِيدِ يُغْفَرُ لَهُ ذَنْبُهُ كُلُّهُ إِلا الدَّيْنَ) رواه الطبراني. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |