الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَالَ تعالى في مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
فَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ عَدَمُ القُرْبِ مِنَ المَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالبَصَلَ، كَمَا وَرَدَ في صَحِيحِ البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ـ يَعْنِي الثُّومَ ـ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».
وفي رواية: «مَنْ أَكَلَ ثُومَاً أَوْ بَصَلَاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ».
وَالعِلَّةُ في التَّحْرِيمِ كَرَاهَةُ الرَّائِحَةِ وَإِيذَاءِ المُسْلِمِينَ بِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ للدُّخَانِ أَيْضَاً رَائِحَةً مُسْتَكْرَهَةً عِنْدَ مَنْ يَشْرَبُهُ.
فَإِذَا كَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْنَا تَعْظِيمُ بُيُوتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ تَعْظِيمَ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَابِ أَوْلَى، تِلَاوَةً وَسَمَاعَاً، وَإِذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قُرْبِ المَسَاجِدِ لِمَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالبَصَلَ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى لِمَنْ شَرِبَ الدُّخَانَ.
فَعَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ تَعْظِيمُ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ سَمِعَ أَو قَرَأَ القُرْآنَ العَظِيمَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنِ التَّدْخِينِ، وَيَجِبُ التَّنَبُّهُ إلى هَذَا الأَمْرِ خَاصَّةً في أَمَاكِنِ التَّعَازِي، حَيْثُ القَارِئُ يَقْرَأُ القُرْآنَ الكَرِيمَ، وَهُنَاكَ مَنْ يَتَحَدَّثُ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَيَجْمَعُ مَعَ الحَدِيثِ شُرْبَ الدُّخَانِ، وَكَذَلِكَ في السَّيَّارَاتِ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ، حَيْثُ يُوضَعُ شَرِيطٌ مُسَجَّلٌ للقُرْآنِ الكَرِيمِ، وَالنَّاسُ يُدَخِّنُونَ.
نَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَ كُلَّ مُدَخِّنٍ لِتَرْكِ الدُّخَانِ، وَكُلَّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُعَظِّمَ حُرُمَاتِ اللهِ تعالى وَشَعَائِرَهُ. آمين آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |