الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: فقد أخرج الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا الدَّهْرُ، الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي، أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ».
ويقول ابن حجر رحمهُ اللهُ تعالى: وَمَعْنَى النَّهْي عَنْ سَبِّ الدَّهْر: أَنَّ مَن اعْتَقَدَ أَنَّهُ الفَاعِل لِلْمَكْرُوهِ فَسَبَّهُ أَخْطَأَ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ الفَاعِل، فَإِذَا سَبَبْتُمْ مَنْ أَنْزَلَ ذَلِكَ بِكُمْ رَجَعَ السَّبُّ إِلَى اللهِ تعالى ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ.
ثانياً: أخرج الترمذي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ رَجُلاً لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لا تَلْعَنِ الرِّيحَ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئاً لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ».
ثالثاً: جاء في صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَّاباً وَلا فَحَّاشاً وَلا لَعَّاناً، كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ»).
وبناء على ذلك:
فلا يجوزُ سَبُّ الزَّمَنِ لِضُرٍّ مَسَّ العبدَ، هذا إذا كانَ يَظُنُّ أنَّ الزَّمَنَ هوَ الفاعِلُ، أما من سَبَّ من أنزَلَ ذلكَ ـ وهو الله تعالى ـ وقَصَدَهُ بالسَّبِّ ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ فقد كَفَرَ.
وسيِّدُنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هو القُدوَةُ الصَّالِحَةُ لمن كانَ يرجو اللهَ واليومَ الآخِرَ، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً}. ورسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ما كانَ سَبَّاباً. هذا، والله تعالى أعلم.