الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الأَولادُ الصِّغَارُ هُم تَبَعٌ لآبَائِهِم، فإنْ كَانُوا مُسلِمِينِ حُكِمَ بِإِسلامِهِم، وإنْ كَانُوا كَافِرِينَ حُكِمَ بِكُفْرِهِم، وإذا كَانَ الأَبُ مُسلِمَاً والأُمُّ كَافِرَةً حُكِمَ بِإِسلامِهِ.
ثانياً: إِيمَانُ الفِطْرَةِ لا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ من أَحكَامِ الدُّنيَا، أمَّا في الآخِرَةِ فَحُكْمُهُ إلى اللهِ تعالى، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أو يُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ، حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟
قَالَ: «اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
ثالثاً: الغَرَضُ من الصَّلاةِ على المَيْتِ إنْ كَانَ كَبِيرَاً الدُّعَاءُ لَهُ بالمَغفِرَةِ والعِتْقِ من النَّارِ، وأن يَتَجَاوَزَ اللهُ تعالى عَنهُ، أمَّا بالنِّسْبَةِ للصَّلاةِ على الصَّبِيِّ فَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بالمَغفِرَةِ والرَّحمَةِ، وأن يَكُونَ فَرَطَاً لَهُمَا، روى الإمام أحمد وأبو داود عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالسِّقْطُ ـ أي: الْوَلَدُ لِغَيْرِ تَمَامٍ ـ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ».
وروى الإمام البخاري عن الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطاً وَسَلَفاً وَأَجْراً.
وبناء على ذلك:
فَإِيمَانُ الفِطْرَةِ لا يُبنَى عَليهِ شَيءٌ من الأَحكَامِ الدُّنيَوِيَّةِ، وفي الآخِرَةِ يَكُونُ الأَمْرُ إلى اللهِ تعالى، لِذَا لا يُصَلَّى عَلَيهِ، لأنَّهُ مَا جَرَى عَلَيهِ قَلَمٌ، ولا يُدْعَى لِوَالِدَيهِ بالرَّحمَةِ والمَغفِرَةِ مَا دَامَا كَافِرَينِ. هذا، والله تعالى أعلم.