الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: من مَاتَ جُنُبَاً، وهوَ من أَهلِ التَّقوَى والصَّلاحِ، هذا لا يَضُرُّهُ، ولا يَدُلُّ على ضَعْفِ إِيمَانِهِ وتَقْوَاهُ، كَمَا لا يَدُلُّ على سُوءِ خَاتِمَتِهِ، مَا دَامَت جَنَابَتُهُ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، كَمُعَاشَرَةِ الزَّوجَةِ، أو الاحْتِلامِ.
ثانياً: لقد ثَبَتَ بأَنَّ حَنظَلَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وهوَ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ من أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَاتَ جُنُبَاً، وغَسَّلَتْهُ المَلائِكَةُ الكِرَامُ عَلَيهِمُ السَّلامُ، وقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ.
وذَكَرَ الحَافِظُ بنُ حَجَرٍ في فَتْحِ البَارِي: روى الطَّبَرَانِيُّ وغَيرُهُ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ الْوَاهِبِ، وَهُمَا جُنُبَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّي رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُمَا».
ثالثاً: إذا اجْتَمَعَ للغُسْلِ أَسبَابٌ عِدَّةٌ، فَيَكفِي غُسْلٌ وَاحِدٌ عَنهُم.
وبناء على ذلك:
فَمَن مَاتَ جُنُبَاً لا يَكُونُ آثِمَاً، ولا يَدُلُّ على سُوءِ خَاتِمَتِهِ، وضَعْفِ إِيمَانِهِ، مَا دَامَتْ جَنَابَتُهُ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ، ويُغَسَّلُ غُسْلاً وَاحِدَاً، والجَدِيرُ بالمُؤمِنِ أن لا يُؤَخِّرَ الغُسْلَ بَعدَ وُجُوبِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.