الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ تَغْسِيلَ المَيِّتِ وَاجِبُ كِفَايَةٍ.
ثانياً: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الغَاسِلُ ثِقَةً أَمِينَاً، وَعَارِفَاً بِأَحْكَامِ الغُسْلِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لِيُغَسِّلْ مَوْتَاكُمُ المَأْمُونُونَ» رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتَاً، فَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
قَالَ: «لِيَلِهِ أَقْرَبُكُمْ مِنْهُ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَمَنْ تَرَوْنَ أَنَّ عِنْدَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وَأَمَانَةٍ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُغَسِّلِ أَنْ يُلَيِّنَ مَفَاصِلَ المَيِّتِ إِنْ سَهُلَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تَـنْكَسِرَ أَعْضَاؤُهُ.
وَيَلُفُّ الغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً، لِئَلَّا يَمَسَّ عَوْرَتَهُ، لِأَنَّ النَّظَرَ إلى العَوْرَةِ حَرَامٌ، فَاللَّمْسُ أَوْلَى.
ثالثاً: يُسْتَحَبُّ تَجْرِيدُ المَيِّتِ عِنْدَ تَغْسِيلِهِ، وَأَمَّا سَتْرُ عَوْرَتِهِ فَلَا خِلَافَ في وُجُوبِ سَتْرِهَا.
رابعاً: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوضَعَ عِنْدَ تَغْسِيلِهِ كَمَا يُوضَعُ في القَبْرِ، وَإِلَّا يُوضَعُ كَمَا يَتَيَسَّرُ.
خامساً: يَبْدَأُ الغَاسِلُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ، ثُمَّ يُوضِئُهُ وَضُوءَهُ للصَّلَاةِ، وَلَا يُدْخِلُ المَاءَ فِي فِيهِ، وَلَا فِي أَنْفِهِ، وَبَعْدَ الوُضُوءِ يَجْعَلُهُ على شِقِّهِ الأَيْسَرَ فَيَغْسِلُ الأَيْمَنَ، ثُمَّ يُدِيرُهُ على الأَيْمَنَ فَيَغْسِلُ الأَيْسَرَ، وَالوَاجِبُ في غَسْلِ المَيِّتِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثَاً، وَيَجْعَلُ في الأَخِيرَةِ طِيبَاً.
وَيَرَى جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ البَخُّورِ عِنْدَ تَغْسِيلِ المَيِّتِ مُسْتَحَبٌّ لِئَلَّا تُشَمَّ مِنْهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ.
سادساً: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَكْفِينَ المَيِّتِ بِمَا يَسْتُرُهُ فَرْضٌ على الكِفَايَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَيُسْتَحَبُّ تَحْسِينُ الكَفَنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَالأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ التَّكْفِينُ بِالثِّيَابِ البِيضِ.
وَأَنْ يَكُونَ الكَفَنُ سَمِيكَاً حَتَّى لَا يَصِفَ البَشَرَةَ.
وَتُكْرَهُ المُغَالَاةُ في الكَفَنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُغَالُوْا فِي الْكَفَنِ، فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سَلْبَاً سَرِيعَاً» رواه أبو داود عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
سابعاً: كَفَنُ السُّنَّةِ هُوَ أَكْمَلُ الأَكْفَانِ، وَهُوَ للرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، إِزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلُفَافَةٌ.
وَلِلْمَرْأَةِ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ، قَمِيصٌ، وَإِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَلُفَافَةٌ، وَخِرْقَةٌ تُرْبَطُ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخِتَامِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.